صدر الدين القونوي واحدا من تلامذة الشيخ محيي الدين ابن عربي وهو من أوائل التلاميذ توفي عام 672 هجري / 1275 ميلادي وقد كان استاذ قطب الدين الشيرازي شارح فلسفة شهاب الدین السهروردي. له مؤلفات كثيرة أغلبها يدور في فلك الشيخ محیي الدين ابن عربي وقد بقيت مخطوطات يكاد يطويها النسيان. من مؤلفاته تبصرة المبتدئ وتذكرة المنتهي – فكوك النصوص في مستندات حكم الفصوص للشيخ محيي الدين – التجليات – النفحات وغيرها . هو محمد اسما وصدر الدين لقباً وأبو المعالي كنية وابن إسحاق بن محمد بن يوسف بن على، الشهير بالقونوي. وكان أبوه اسحق ذا مكانة حتى انه كان يدعى من أشراف السلاجقة نسباً. نشأ صدر الدين في أسرة غنية تبدو عليه آثار الثراء . ولد القونوي في محافظة ملاطية في آناضول سنة 606 / 1209 وكانت وفاته 673 / 1274م وكان قد اوصى ان يدفن في الحارة الصالحية بجانب استاذه في دمشق الا انه لم يتيسر ذلك ودفن في بلدة قونية أمام الجامع المسمى باسمه.
قال المحدّث النوری: الشيخ الفاضل العارف المشهور أبو المعالي صدر الدين القونوي المستغني عن نقل مناقبه وفضائله بما في الترجم، نسب إليه أصحابنا هذا القول ولم نقف له على عبارة غير ما نقله صاحب (الينابيع) عنه قال: قال الشيخ صدر الدين القونوي (قدس سره) وأفاض علينا فيوضه وعلومه في شأن المهدي الموعود عليه السلام شعراً:
يقوم بأمر الله في الأرض ظاهراً – على رغم شياطين يمحق للكفر
يؤيد شرع المصطفى و هو ختمه – و يمتد من ميم بأحكامها يدري
و مدته ميقات موسى و جنده – خيار الورى في الوقت يخلو عن الحصر
على يده محق اللئام جميعهم – بسيف قوي المتن علك أن تدري
حقيقة ذاك السيف و القائم الذي – تعين للدين القويم على الأمر
لعمري هو الفرد الذي بان سره – بكلّ زمان في مظاء له يسري
تسمى بأسماء المراتب.. كلها – خفاء و إعلاناً كذاك إلى الحشر
أليس هو النور الأتم حقيقة – و نقطة ميم منه امدادها يجري
يفي على الأكوان ما قد أفاضه – عليه إله العرش في أزل الدهر
فما ثم إلا الميم لا شيء غيره – و ذو العين من نوابه مفرد العصر
هو الروح فاعلمه و خذ عهده إذا – بلغت إلى مد مديد من العمر
كأنك بالمذكور تصعد راقيا – إلى ذروة المجد الأثيل على القدر
و ما قدره إلا ألوف بحكمة – على حدّ مرسوم الشريعة بالأمر
بذا قال أهل الحل و العقد فاكتفى – بنصهم المبثوث في صحب الزبر
فإن تبغ ميقات الظهور فإنه – يكون بدور جامع مطلع الفجر
بشمس تمد الكل من ضوء نورها – و جمع دراري الأوج فيها مع البدر
و صل على المختار من آل هاشم – محمّد المبعوث بالنهي و الأمر
علي صلاة الله ما لاح بارق – و ما أشرقت شمس الغزالة في الظهر
و آل و أصحاب أولي الجود و التقى – صلاة و تسليماً يدومان للحشر

و قد قال الشيخ صدر الدين لتلاميذه في وصاياه: «أن الكتب التي كانت لي من كتب الطب و كتب الحكماء و كتب الفلاسفة بيعوها و تصدقوا ثمنها للفقراء و أمّا كتب التفاسير و الأحاديث و التصوف فأحفظوها في دارالكتب و اقرأوا كلمة التوحيد “لا إله إلا الله” سبعين ألف مرّة ليلة الأولى بحضور القلب و بلّغوا منّي سلاماً إلى المهدي عليه السلام _ انتهى.»
و يؤيد ما نقله عنه ما قاله العارف المتأله السيد حيدر بن علي الأملي و عصره قريب من عصر الشيخ صدر الدين من: «أن الشيخ عرض جملة من كتبه و رسائله على المهدي صاحب الزمان عليه السلام» _ انتهى.
و يعضده أنه كان على طريقة الشيخ محیي الدين و متبعاً آثاره، و في النفحات لعبدالرحمن الجامي في ترجمته أنه كان نقاد كلام الشيخ، و في “كشف الظنون” عن الشعراني في “مختصر الفتوحات” بعد كلام له في اختلاف نسخها قال: «و قد أطلعني الأخ الصالح السيّد شريف المدني على صورة ما رآه مكتوباً بخط محيي الدين و غيره على النسخة الّتي وقفها الشيخ في قونية، و هو هذا: وقف محمد بن علي بن عربي الطائي هذا الكتاب على جميع المسلمين. و في آخره و قد تم هذا على يد منشئه و هو النسخة الثانية منه بخطّ يدي، و كان الفراغ منه بكرة يوم الأربعاء الرابع و العشرين من شهر ربيع الأول سنة ست و ثلاثين و ست مائة و كتبه منشئه.
قال السيد: و هذه النسخة في سبعة و ثلاثين مجلداً، و فيها زيادات على النسخة الأولى الّتي دس الملحدون فيها العقائد الشنيعة.
قال: و في ظهره ترجمة اسم الكتاب بخطه و تحته بخط الشيخ صدرالدين القونوي إنشاء مولانا شيخ الإسلام و صفوة الأنام محيي الدين بن عربي و تحته: ملك هذه المجلدة لمحمد بن اسحاق القونوي و تحته أيضاً بخط الشيخ صدر الدين رواية محمد بن أبي بكر بن مبذار التبريزي سماعاً منه. فما كان ليخالف هذا الشيخ في معتقده في شأن المهدي عليه السلام.