هو صلوات الله تشیّع امواتنا و ترحّم لنا فی سفرنا من الدنیا الی الآخرة و يدل عليه ما روي في بحار الأنوار 48: 73، ح 100 من كتاب المناقب، أنه اجتمعت عصابة الشيعة بنيسابور، و اختاروا محمد بن علي النيسابوري فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار و خمسين ألف درهم، و شقّة من الثياب، و أتت شطيطة بدرهم صحيح و شقّة خام من غزل يدها تساوي أربعة دراهم، فقالت: (إن الله لا يستحيي من الحق). قال: فثنيت درهمها، و جاءوا بجزء فيه مسائل ملء سبعين ورقة في كل ورقة مسألة، و باقي الورق بياض ليكتب الجواب تحتها، و قد حزمت كل ورقتين بثلاث حزم، و ختم عليها بثلاث خواتيم على كل حزام خاتم و قالوا: ادفع إلى الإمام ليلة، و خذ منه في غد فإن وجدت الجزء صحيح الخواتيم فاكسر منها خمسة و انظر هل أجاب عن المسائل، فإن لم تنكسر الخواتيم فهو الإمام المستحق للمال، فادفع إليه، و إلا فردّ إلينا أموالنا. فدخل على الأفطح عبد الله بن جعفر، و جرّبه ، و خرج عنه قائلا (ربي اهدني إلى سواء الصراط)، قال: فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول: أجب من تريد فأتى بي دار موسى بن جعفر (عليه السلام)، فلمّا رآني قال: لم تقنط يا أبا جعفر و لم تفزع إلى اليهود و النصارى؟ إليّ فأنا حجة الله و وليه، ألم يعرفك أبوحمزة على باب مسجد جدّي؟ و قد أجبتك عمّا في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس فجئني به و بدرهم شطيطة الّذي وزنه درهم و دانقان الّذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازواري، و الشقّة الّتي في رزمة الأخوين البلخيين. قال: فطار عقلي من مقاله، و أتيت بما أمرني، و وضعت ذلك قبله، فأخذ درهم شطيطة و إزارها ثم استقبلني، و قال: (إن الله لا يستحيي من الحق) يا أبا جعفر! أبلغ شطيطة سلامي وأعطها هذه الصرّة، و كانت أربعين درهما. ثمّ قال: و أهديت لها شقّة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا، قرية فاطمة عليها السلام و غزل أختي حليمة ابنة أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام). ثمّ قال: و قل لها: ستعيشين تسعة عشر يوما من وصول أبي جعفر، و وصول الشقة و الدراهم، فأنفقي على نفسك منها ستّة عشر درهما، و اجعلي أربعة و عشرين صدقة عنك، و ما يلزم عنك و أنا أتولى الصلاة عليك، فإذا رأيتني يا أبا جعفر فاكتم عليّ فإنّه أبقى لنفسك. ثم قال (عليه السلام): و اردد الأموال إلى أصحابها، و افكك هذه الخواتيم عن الجزء، و انظر هل أجبناك عن المسائل أم لا؟ من قبل أن تجيئنا بالجزء فوجدت الخواتيم صحيحة ففتحت منها واحدا من وسطها، فوجدت فيه مكتوبا: ما يقول العالم (عليه السلام) في رجل قال: نذرت لله لأعتقن كل مملوك كان في رقي قديما، و كان له جماعة من العبيد؟ الجواب بخطه: ليعتقن من كان في ملكه من قبل ستة أشهر. و الدليل على صحّة ذلك قوله تعالى: (و القمر قدرناه) الآية، و الحديث من ليس له ستة أشهر و فككت الختام الثاني فوجدت ما تحته: ما يقول العالم في رجل قال: والله لأتصدقن بمال كثير فما يتصدق. الجواب تحته بخطّه: إن كان الّذي حلف من أرباب شياه، فليتصدق بأربع و ثمانين شاة، و إن كان من أصحاب النعم، فليتصدق بأربع و ثمانين بعيرا و إن كان من أرباب الدراهم، فليتصدق بأربع و ثمانين درهما. و الدليل عليه قوله تعالى: (و لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) فعددت مواطن رسول الله قبل نزول تلك الآية فكانت أربعة و ثمانين موطنا. فكسرت الخاتم الثالث فوجدت تحته مكتوبا، ما يقول العالم في رجل نبش قبر ميت و قطع رأس الميت و أخذ الكفن. الجواب بخطّه: يقطع السارق لأخذ الكفن من وراء الحرز، و يلزم مائة دينار لقطع رأس الميت، لأنا جعلناه بمنزلة الجنين في بطن أمه قبل أن ينفخ فيه الروح، فجعلنا في النطفة عشرين دينارا … المسألة إلى آخرها، فلمّا وافى خراسان، وجد الّذين ردّ عليهم أموالهم، ارتدوا إلى الفطحية، و شطيطة على الحق، فبلّغها سلامه و أعطاها صرّته، و شقّته فعاشت كما قال (عليه السلام) فلمّا توفّيت شطيطة جاء الإمام على بعير له، فلمّا فرغ من تجهيزها، ركب بعيره و انثنى نحو البريّة، و قال (عليه السلام): عرّف أصحابك و أقرأهم منّي السّلام و قل لهم: إنّي و من يجري مجراي من الأئمّة (عليهم السلام) لا بدّ لنا من حضور جنائزكم في أيّ بلد كنتم فاتّقوا الله في أنفسكم.
لهذه الموهبة العظیمة وجب علینا الدعاء فی تعجیل فرجه و کشف ضرّه.