لا يظهر العدالة فی العالم الا بعد الحرب مع الاعداء و المخالفین لاحیاء الحریّة فی العالم و من البدیهیات لکل من کان له قلب و هو رشید محاربة مع الظالمین من جماهیر المسلمین من اوجب الواجبات العقلیّة و الدینیّة و لا یقع العدل فی العالم الا بعد ذلک المحاربة مع السفیانی و الدجال و الیمانی و … و هذا واقع بعد ظهموره علیه السلام و اسهل الطرق لتسهیل فرجه الدعاء.
بين الحرب و بين الجهاد فرق، أنّ الجهاد بالنّسبة إلى الكفّار، و الحرب يعم أهل كلمة الإسلام، كما تدلّ عليه آية المحارب، و غيرها. و كيف كان فيشهد لما ذكرنا ما في البحار (1) عن النعماني بإسناده عن الفضيل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن قائمنا إذا قام استقبل من جهة النّاس أشدّ ما استقبله رسول الله (صلى الله عليه و آله) من جهّال الجاهليّة. فقلت كيف ذلك؟ قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أتى النّاس و هم يعبدون الحجارة و الصخور و العيدان و الخشب المنحوتة و إن قائمنا إذا قام أتى الناس و كلّهم يتأوّل عليه كتاب الله، و يحتج عليه به … .
و في رواية أخرى (2) عنه عليه السلام: فيتأولون عليه كتاب الله و يقاتلونه عليه.
و عنه عليه السلام (3): أنّه قال ثلاثة عشر مدينة و طائفة يحارب القائم أهلها و يحاربونه: أهل مكّة و أهل المدينة و أهل الشّام و بنو أمية و أهل البصرة، و أهل دميسان، و الأكراد، و الأعراب، و ضبّة، و غني، و باهلة، و أزد، و أهل الرّي.
و في كمال الدين (4) عن أبي جعفر عليه السلام قال: في صاحب هذا الأمر سنّة من موسى، و سنّة من عيسى، و سنّة من يوسف، و سنّة من محمّد (صلى الله عليه و آله). فأمّا من موسى فخائف يترقب. و أمّا من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى. و أمّا من يوسف عليه السلام فالسّجن و الغيبة. و أمّا من محمد (صلى الله عليه و آله) فالقيام بسيرته و تبين آثاره ثمّ يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر بيمينه، فلا يزال يقتل أعداء الله حتّى يرضى الله عزّ و جلّ. قال أبو بصير: قلت: و كيف يعلم أن الله تعالى قد رضي؟ قال: يلقي في قلبه الرحمة.
و في حديث المفضل (5) عن الصادق عليه السلام قال: يخرج الحسني الفتى الصبيح الذي نحو الديلم، يصيح بصوت له فصيح: يا آل أحمد أجيبوا الملهوف، و المنادي من حول الضريح. فتجيبه كنوز الله بالطالقان، كنوز و أي كنوز، ليست من فضّة و لا ذهب بل هي رجال كزبر الحديد على البراذين الشهب، بأيديهم الحراب و لم يزل يقتل الظلمة حتّى يرد الكوفة، و قد صفا أكثر الأرض فيجعلها له معقلا، فيتصل به و بأصحابه خبر المهدي (عليه السلام)، و يقولون: يا بن رسول الله من هذا الّذي قد نزل بساحتنا؟ فيقول: أخرجوا بنا إليه حتّى ننظر من هو، و ما يريد و هو و الله يعلم أنّه المهدي، و إنّه ليعرفه، و لم يرد بذلك الأمر إلا ليعرف أصحابه من هو. فيقول: إن كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدك رسول الله (صلى الله عليه و آله) و خاتمه و بردته و درعه الفاضل، و عمامته السحاب و فرسه اليربوع و ناقته الغضبا، و بغلته الدلدل و حماره اليعفور و نجيبه البراق و مصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) فيخرج له ذلك ثمّ يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد و تورق، و لم يرد ذلك إلا أن يري أصحابه فضل المهدي، حتّى يبايعوه. فيقول الحسني: الله أكبر ، مدّ يدك يابن رسول الله حتّى نبايعك فيمدّ يده فيبايعه و يبايعه سائر العسكر الّذي مع الحسني إلا أربعين ألفا أصحاب المصاحف المعروفون بالزيدية، فإنّهم يقولون ما هذا إلا سحر عظيم فيختلط العسكر فيقبل المهدي (عليه السلام) على الطائفة المنحرفة فيعظهم و يدعوهم ثلاثة أيام فلا يزدادون إلا طغيانا و كفرا فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعا. ثمّ يقول لأصحابه: لا تأخذوا المصاحف و دعوها تكون عليهم حسرة كما بدلوها و غيروها و حرفوها و لم يعملوا بما فيها … .

(مكيال المكارم، ميرزا محمد تقي الأصفهاني 1: 76 – 78)

———————————————————–
1 – بحار الأنوار 52: 362، باب 27، ذيل 131.
2 – بحار الأنوار 52: 363، باب 27، ذيل 132.
3 – بحار الأنوار 52: 363، ب 27، ذيل 136.
4 – إكمال الدين 1: 329، باب 32، ذيل 11.
5 – بحار الأنوار 53: 15، ب 25.