صفات الموجبة فی الدعاء للامام المهدی علیه السلام منها اغاثة الملهوفین منا.

لكل ملهوف الذی تمسّک بساحة الحجة و منجا من الضرّ فرض عقلی و شرعی بدعائه فی فرج الحجّة علیه السلام لان جمیع الملهوفین نجا فی زمن ظهوره علیه السلام و هو صلوات الله علیه لا ینسی حال شیعته و محبّیه فی زمن غیبته و کیف ینسی فی زمن ظهوره؟
و قال صلوات الله عليه في توقيعه (الإحتجاج 2: 323) إلى الشيخ المفيد: إنا غير مهملين لمراعاتكم، و لا ناسين لذكركم، لو لا ذلك لنزل بكم اللأواء، و اصطلمكم الأعداء …
و يعجبني هنا نقل واقعة مما ذكره العالم الفاضل الرباني الحاج ميرزا حسين النوري، ضاعف الله له النور، و أعلى درجته في الدار السرور في كتاب جنة المأوى: 292، حكاية 47 في ذكر من فاز بلقاء الحجة عليه السلام، أو معجزته في الغيبة الكبرى، قال: حدثني العالم الجليل و الحبر النبيل، مجمع الفضائل و الفواضل الصفي الوفي، المولى علي الرشتي، طاب ثراه و كان عالما برا تقيا زاهدا حاويا لأنواع العلم، بصيرا ناقدا، من تلامذة السيد السند الأستاذ الأعظم دام ظله: و لما طال شكوى أهل الأرض حدود فارس و من والاه إليه من عدم وجود عالم عامل كامل، نافذ الحكم فيهم، أرسله إليهم عاش فيهم سعيدا و مات هناك حميدا، رحمه الله و قد صاحبته مدة سفرا و حضرا، و لم أجد في خلقه و فضله نظيرا إلا يسيرا. قال: رجعت مرة من زيارة أبي عبد الله عليه السلام عازما للنجف الأشرف من طريق الفرات، فلما ركبنا في بعض السفن الصغار التي كانت بين كربلاء و طويرج، رأيت أهلها من أهل الحلة و من طويرج، تفترق طريق الحلة و النجف، و اشتغل الجماعة باللهو و اللعب و المزاح، رأيت واحدا منهم لا يدخل في عملهم، عليه آثار السكينة و الوقار، و لا يمازح و لا يضحك، و كانوا يعيبون على مذهبه، و يقدحون فيه، و مع ذلك كان شريكا في أكلهم و شربهم، فتعجبت منه إلى أن وصلنا إلى محل كان الماء قليلا، فأخرجنا صاحب السفينة، فكنا نمشي على شاطئ النهر، فاتفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق، فسألته عن سبب مجانبته عن أصحابه، و ذمهم إياه و قدحهم فيه، فقال: هؤلاء من أقاربي من أهل السنة، و أبي منهم، و أمي من أهل الإيمان، و كنت أيضا منهم، و لكن الله من علي ببركة الحجة صاحب الزمان (عليه السلام). فسألت عن كيفية إيمانه.
قال (رحمه الله): و أشار حينئذ إلى نبات حافة النهر و قال كانت خضرتها مثل خضرة هذا النبات، ثم دله على الطريق، و أمره بالدخول في دين أمه، و ذكر كلمات نسيتها. و قال : ستصل عن قريب إلى قرية أهلها جميعا من الشيعة، قال: فقلت: يا سيدي أنت لا تجئ معي إلى هذه القرية؟ فقال (عليه السلام) ما معناه: لا، لأنه استغاث بي ألف نفس في أطراف البلاد، أريد أن أغيثهم، ثم غاب عني، فما مشيت إلا قليلا حتى وصلت إلى القرية و كان في مسافة بعيدة، و وصل الجماعة إليها بعدي بيوم. فلما دخلت الحلة ذهبت إلى سيد الفقهاء السيد مهدي القزويني، طاب ثراه، و ذكرت له القصة فعلمني معالم ديني، فسألت عنه عملا أتوصل به إلى لقائه مرة أخرى، فقال زر أبا عبد الله (عليه السلام) أربعين ليلة جمعة. قال: فكنت أزوره من الحلة في ليالي الجمع إلى أن بقي واحدة، فذهبت من الحلة في يوم الخميس، فلما وصلت إلى باب البلد، فإذا جماعة من أعوان الظلمة يطالبون الواردين التذكرة، و ما كان عندي تذكرة و لا قيمتها، فبقيت متحيرا، و الناس متزاحمون على الباب، فأردت مرارا أن أتخفى و أجوز عنهم، فما تيسر لي، و إذا بصاحبي صاحب الأمر (عليه السلام) في زي لباس طلبة الأعاجم، عليه عمامة بيضاء في داخل البلد فلما رأيته استغثت به، فخرج و أخذني معه و أدخلني من الباب فما رآني أحد. فلما دخلت البلد افتقدته من بين الناس و بقيت متحسرا على فراقه.