حبه عليه السلام لنا يظهر من تلطفه بنا، فإن التلطف ثمرة المحبّة، و هذا یظهر من تشييع أمواتنا کما ورد فی الروایات عن موسی بن جعفر علیه السلام. و بالجملة كل إحسانه إلينا ثمرة حبه لنا. لكن لا يخفى أنّ حبّه لنا ليس إلاّ من جهة الإيمان بالله، و الإطاعة له عزّ و جلّ، کل من أراد حبّه صلوات الله عليه له، فعليه بإطاعة الله تعالى و إياه. وإيّانا أن نؤذيه و نعاديه بمخالفة الله جل جلاله فنكون ممّن قال الله عزّ و جلّ في حقه: (إن الذين يؤذون الله و رسوله لعنهم الله في الدنيا و الآخرة و أعدّ لهم عذابا مهينا). و لنا فرض عند العقل و النقل في الدعاء لتعجیل فرجه.
روي في دارالسلام عن الباقر عليه السلام ، أنّه قال لجابر الجعفي: ما يتقرّب العبد إلى الله تبارك و تعالى إلاّ بالطاعة، ما معنا براءة من النار، و لا على الله لأحد منكم حجّة، من كان لله مطيعا فهو لنا وليّ، و من كان لله عاصيا فهو لنا عدوّ، و لا ينال ولايتنا إلا بالعمل و الورع.
و الأخبار في هذا المعنى كثيرة و كما أن إطاعة الله تعالى توجب كمال المحبة، فكذلك العصيان يوجب زوالها.
روي في الكافي (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام ما من عبد إلا و عليه أربعون جنّة، حتّى يعمل أربعين كبيرة، فإذا عمل أربعين كبيرة انكشفت عنه الجنن، فيوحي الله إليهم أن استروا عبدي بأجنحتكم فتستره الملائكة بأجنحتها قال: فمّا يدع شيئا من القبيح إلاّ قارفه، حتّى يتمدح إلى الناس بفعله القبيح. فتقول الملائكة: يا ربّ! هذا عبدك ما يدع شيئا إلا ركبه، و إنا لنستحيي ممّا يصنع فيوحي الله عزّ و جلّ إليهم أن ارفعوا أجنحتكم عنه، فإذا فعل ذلك أخذ في بغضنا أهل البيت، فعند ذلك ينهتك ستره في السّماء، و ستره في الأرض، فتقول الملائكة: يا ربّ! هذا عبدك قد بقي مهتوك الستر، فيوحي الله عزّ و جلّ إليهم لو كانت لله فيه حاجة ما أمركم أن ترفعوا أجنحتكم عنه.

(مكيال المكارم، ميرزا محمد تقي الأصفهاني 1: 80)

———————————————————-

1 – الكافي 2: 279، باب الكبائر، ح 9.