أن مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه أجمل النّاس و أحسنهم وجها لأنّه أشبه النّاس برسول الله صلى الله عليه و آله. لما رواه السيّد البحراني في كتاب المحجة (1)، و غيره عن عمّار، عن رسول الله، أنّه قال: يا عمّار! إن الله تبارك و تعالى عهد إلي أن يخرج من صلب الحسين أئمّة تسعة و التاسع من ولده يغيب عنهم، و ذلك قوله عزّ و جلّ: (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين) يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم و يثبت عليها آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما و يقاتل على التأويل، كما قاتلت على التنزيل، و هو سميي، و أشبه الناس بي.
و في إكمال الدين (2) عن رسول الله قال: «المهدي من ولدي، اسمه اسمي و كنيته كنيتي، أشبه النّاس بي خلقا و خلقا، يكون له غيبة و حيرة يضل فيها الأمم، يقبل كالشّهاب الثاقب يملأها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما.
و فيه أيضا (3) بسند صحيح عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): المهدي من ولدي، اسمه اسمي، و كنيته كنيتي أشبه النّاس بي خلقا و خلقا تكون له غيبة و حيرة حتّى يضلّ الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب، فيملأها قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا.
و فيه أيضا (4) مسندا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث ابن عباس: و جعل من صلب الحسين أئمّة يقومون بأمري، و يحفظون وصيتي التّاسع منهم قائم أهل بيتي، و مهدي أمّتي، أشبه النّاس بي في شمائله، و أقواله و أفعاله.
و إذ قد عُرف أنه أشبه النّاس برسول الله صلى الله عليه و آله و أنّه قد ثبت بالنّص أن رسول الله كان أجمل الناس وجها وأحسنهم صورة .
لما رواه ثقة الإسلام في الكافي (5) عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان نبي الله أبيض مشرب حمرة أدعج العينين، مقرون الحاجبين، شثن الأطراف، كأن الذهب أفرغ على براثنه، عظيم مشاشة المنكبين، إذا التفت يلتفت جميعا من شدة استرساله، سربته سائلة من لبته إلى سرته، كأنها وسط الفضة المصفاة، و كأن عنقه إلى كاهله إبريق فضة، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء و إذا مشى تكفأ كأنه ينزل في صبب لم ير مثل نبي الله (صلى الله عليه و آله) قبله و لا بعده.
و في البحار (6) عن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي رحمه الله عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال على المنبر: يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض، مشرب حمرة مبدح البطن عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان، شامة على لون جلده، و شامة على شبه شامة النبي (صلى الله عليه و آله).
و من طريق العامة عن النبي (صلى الله عليه و آله) (1) قال :المهدي طاوس أهل الجنة.
و عنه (8) صلي الله عليه و آله قال: المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي و جسمه جسم إسرائيلي على خده الأيمن خال كأنه كوكب دري.
و عنه قال (9) صلي الله عليه و آله: المهدي منا أجلى الجبين أقنى الأنف.
و في كتاب تبصرة الولي (10) فيمن رأى القائم المهدي (عليه السلام) عن أبي نعيم محمد بن أحمد الأنصاري قال: وجه قوم من المفوضة و المقصرة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمد (عليه السلام) قال كامل: فقلت في نفسي: أسأله (عليه السلام) لا يدخل الجنة إلا من يعرف معرفتي، و قال بمقالتي. فلما دخلت على سيدي أبي محمد (عليه السلام) نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه، فقلت في نفسي، ولي الله و حجته يلبس الناعم من الثياب، و يأمر بمواساة الإخوان، و ينهانا عن لباس مثله، فقال (عليه السلام) متبسما: يا كامل! و حسر عن ذراعيه، فإذا مسح أسود خشن على جلده. فقال: هذا لله، و هذا لكم، فسلمت و جلست إلى باب عليه ستر مرخى، فجاءت الريح، فكشفت طرفه، فإذا أنا بفتى كأنه فلقة قمر، من أبناء أربع سنين أو مثلها. فقال: يا كامل بن إبراهيم! – و اقشعررت من ذلك – و ألهمت أن قلت: لبيك يا سيدي! فقال: جئت إلى ولي الله و حجته و بابه تسأله هل يدخل الجنة إلا من يعرف معرفتك و قال بمقالتك؟ فقلت: أي والله! فقال (عليه السلام): إذا والله يقل داخلها و الله ليدخلها قوم يقال لهم الحقية. قلت: يا سيدي! و من هم؟ قال (عليه السلام): قوم من حبهم لعلي (عليه السلام) يحلفون بحقه، و لا يدرون ما حقه و فضله، ثم سكت صلوات الله عليه ثم قال: و جئت تسأله عن مقالة المفوضة كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله، فإذا شاء شئنا و الله يقول: (و ما تشاءون إلا أن يشاء الله) ثم رجع الستر إلى حالته و لم أستطع كشفه و نظر إلي أبو محمد (عليه السلام) متبسما فقال: يا كامل ما جلوسك و قد أنبأك بحاجتك الحجة من بعدي، فقمت و خرجت و لم أعاينه بعد ذلك.
و في قضية محمد بن عبيدالله القمي المنقولة في البحار (11) عن غيبة الشيخ الطوسي قال: لم أر قط في حسن صورته و اعتدال قامته …
و الأخبار في هذا المعنى كثيرة جدا … در من قال:
قمر تكامل في نهاية حسنه * مثل القضيب على رشاقة قده
فالبدر يطلع من ضياء جبينه * والشمس تغرب في شقائق خده
ملك الجمال بأسره فكأنما * حسن البرية كلها من عنده
و أما وجه تشبيهه عليه السلام بالشهاب الثاقب، فلعله لأنه عليه السلام يظهر بغتة كما ورد في عدة روايات، و كذلك الشهاب، أو لأنه يضيئ حتى يرى ضوؤه كالشهاب الثاقب، و يشهد بذلك أيضا عدة روايات، أو لأنه يطرد الشياطين و يدفعهم كما يطردون بالشهاب الثاقب قال الله تعالى: (إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب).
فوزنا بلقائه یقع فی زمن ظهوره، و لاجل ذلک فرض علینا الدعاء له فی تعجیل فرجه الشریف.
(مكيال المكارم، ميرزا محمد تقي الأصفهاني 1: 66 – 69)
———————————————————————————————–
1 – المحجة: 753.
2 – إكمال الدين 1: 287، باب 25، ذيل 4.
3 – إكمال الدين 1: 286، باب 25، ذيل 1.
4 – إكمال الدين 1: 257، باب 24، ذيل 2.
5 – الكافي 1: 443، باب مولد النبي (صلى الله عليه و آله) ، ح 14.
6 – بحار الأنوار 51: 35، باب 4، ذيل 4.
7 – العمدة لابن البطريق: 429، و المنتخب من الصحاح الستة: 212.
8 – بحار الأنوار 51: 95، باب ما ورد من الأخبار، ح 17.
9 – بحار الأنوار 54: 80، ذيل 10.
10 – تبصرة الوالي: 765.
11 – بحار الأنوار 52: 3 .
أحدث وجهات النظر