ففي “وسيلة المآل في عد مناقب الآل” لأحمد بن الفضل بن محمّد باكثير الشافعي المكي المتوفى سنة 1147 كما في كتاب “خلاصة الأثر” و مدحه و أثنى عليه فيه قال: و كان في الموسم يجلس في المكان الذي يقسم فيه الصر السلطاني بالحرم الشريف بدلا عن شريف مكة _ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجى و من تخلف عنها غرق. أخرجه الملا في سيرته و الطبراني و أبو نعيم في الحلية و البزاز، و غيره.
و أخرج أبو الحسن المغازلي في “المناقب” من طريق بشر بن المفضل قال سمعت الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: حدّثني أبي عن أبيه عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تأخر عنها هلك.

و عن ابن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم و من تركها غرق. أخرجه البزار.
و عن سيدنا عليّ كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى و من تعلق بها فاز و من تأخّر عنها زخ به في النار. أخرجه ابن السري.
و عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلّم يقول: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجى و من تخلف عنها غرق، و مثل حطة لبني إسرائيل. أخرجه الحاكم.
و أخرج أبو يعلى عنه أبي الطفيل عن أبي ذر رضي الله عنه و لفظه: أن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجى و من تخلّف عنها غرق و ان مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة.
و أخرجه أبو الحسن المغازلي عنه و من قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال.
و رواه أيضاً عن أبي سعيد الخدري عنه صلى الله عليه و آله و سلم: قال: و رواه الطبراني في الأوسط و الصغير.
و في “فرائد السمطين” لإبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي: قال الواحدي: روى الحاكم في صحيحه عن أحمد بن جعفر بن حمدان عن عباس الصرافسطي عن محمّد بن إسماعيل الأحمسي عن المفضل بن صالح عن أبي إسحاق السبيعي عن حبش بن معتمر الكناني قال: سمعت أبا ذر و هو آخذ بباب الكعبة و هو يقول: أيها الناس فأنا من قد عرفتم ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من دخلها نجى و من تخلّف عنها هلك.
قال: ثمّ قال الواحدي: أنظر كيف دعا الخلق إلى التسبب إلى ولائهم و السير تحت لوائهم بضرب مثلهم بسفينة نوح جعل ما في الآخرة من مخاوف الأخطار و أهوال النار كالبحر الذي لج براكبه فيورده مشارع المنية و يفيض عليه سجال البلية، و جعل أهل بيته عليه و عليهم السلام سبب الخلاص من مخاوفه و النجاة من متالفه، و كما لا يعبر البحر الهياج عند تلاطم الأمواج إلاّ بالسفينة كذلك لا يأمن لفح الجحيم و لا يفوز بدار النعيم إلا من تولى أهل بيت الرسول صلوات الله عليه و عليهم و نحل لهم وده و نصيحته و أكد في موالاتهم عقيدته، فإن الذي تخلفوا عن تلك السفينة آلوا شر مآل و خرجوا من الدنيا إلى انكال و جحيم ذات أغلال، و كما ضرب مثلهم سفينة نوح قرنهم بكتاب الله فجعلهم ثاني الكتاب و شفع التنزيل _ انتهى.
و منه يظهر أن المشبه بركوب السفينة هو التمسك بهم و الاعتصام بحبلهم، فمن اعتمد عليهم في مسائل الدين فاز و نجى و من لم يعتمد عليهم غرق و هلك و مصداق هذا انما يكون في الآخرة لا في الدنيا، إذ الوجدان يكذبه فيكون المراد بالنجاة و الهلاك إنما هو الواقع في الآخر كما يدل عليه صريحاً قوله: (زخ في النار و من قاتلنا …)، فالمتمسك بهم ناج فائز في الآخرة كما هو مقتضى مماثلتهم بالسفينة في نجاة المتعلق بها، و المخالف لهم هالك في الآخرة كما هو مقتضى المتخلف عن السفينة، فلابد من الحكم بكونهم مستقرين على الحق أبداً ظاهرين عليه دائماً لا يفارقونه آناً ما و إلا لم يحصل النجاة لمن تسمك بهم في ذلك الآن. و هذا بعينه هو المستفاد من أخبار الخلفاء و أخبار الطائفة و أخبار لم يعرف إمام زمانه و غيرها، فلابد من الحكم باتحاد المقصود من الطوائف المذكورة فتكون النتيجة ما قدمناه. و القول في حديث باب حطة كالقول في حديث السفينة.
و منها ما ذكره السدي – و هو من قدماء المفسرين و نقله عنه جماعة – قال في خلال قصة إبراهيم الخليل عليه السلام قال: كرهت سارة مكان هاجر فأوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام فقال: انطلق بإسماعيل و أمه حتى تنزلهم بيتي التهامي يعني بمكة، فإني ناشر ذريته و جاعلهم ثقلاً على من كفر بي و جاعل منهم نبياً عظيماً و مظهره على الأديان، و جاعل من ذريته اثنى عشر عظيماً و جاعل ذريته عدد نجوم السماء _ انتهى.