دعاء مولانا صاحب الزمان في حق الداعي له بالفرج والنصر
– ويدل على ذلك، مضافا إلى أنه مقتضى شكر الإحسان، الذي هو أولى به من كل إنسان قوله صلوات الله عليه في حجابه المروي في مهج الدعوات بعد الدعاء لتعجيل فرجه ما لفظه: واجعل من يتبعني لنصرة دينك مؤيدين، وفي سبيلك مجاهدين وعلى من أرادني وأرادهم بسوء منصورين الخ.
إذ لا ريب في أن الدعاء له وبتعجيل فرجه اتباع ونصرة له، فإن من أقسام النصرة للإيمان ولمولانا صاحب الزمان النصرة باللسان، والدعاء له من أقسام النصرة اللسانية، كما لا يخفى.
– ويدل على المطلوب أيضا ما ذكره علي بن إبراهيم القمي في تفسير قوله تعالى: *(وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها)* فإذا دعا المؤمن لمولاه (عليه السلام) بخالص الدعاء كافأه مولاه أيضا بخالص الدعاء ودعاؤه مفتاح كل خير ومقلاع كل ضير.
– ويشهد لذلك ويؤيده ما رواه القطب الراوندي (رحمه الله) في الخرائج قال: حدث جماعة من أهل أصفهان، منهم أبوالعباس أحمد بن النصر وأبو جعفر محمد بن علوية قالوا: كان بأصفهان رجل يقال له عبد الرحمن، وكان شيعيا قيل له: ما السبب الذي أوجب عليك القول بإمامة علي النقي (عليه السلام) دون غيره من أهل الزمان قال: شاهدت ما أوجب ذلك علي وهو أني كنت رجلا فقيرا، وكان لي لسان وجرأة فأخرجني أهل أصفهان سنة من السنين، فخرجت مع قوم آخرين إلى باب المتوكل متظلمين، فبينا نحن بالباب إذ خرج الأمر بإحضار علي بن محمد بن الرضا (عليهم السلام)، فقلت لبعض من حضر من هذا الرجل الذي قد أمر بإحضاره؟ فقيل: هو رجل علوي، تقول الرافضة بإمامته. ثم قال: وقدرت أن المتوكل يحضره للقتل فقلت: لا أبرح من ههنا حتى أنظر إلى هذا الرجل، أي رجل هو ! قال: فأقبل على فرس وقد قام الناس يمنة الطريق ويسرتها صفين، ينظرون إليه فلما رأيته وقع حبه في قلبي، فصرت أدعو له في نفسي بأن يدفع الله عنه شر المتوكل، فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلى عرف دابته، لا ينظر يمنة ولا يسرة، وأنا أكرر في نفسي الدعاء له. فلما صار بإزائي أقبل بوجهه علي، ثم قال استجاب الله دعاءك، وطول عمرك، وكثر مالك وولدك فارتعدت من هيبته ووقعت بين أصحابي. فسألوني: ما شأنك؟ فقلت: خيرا، ولم أخبر بذلك مخلوقا، ثم انصرفنا بعد ذلك إلى أصفهان ففتح الله علي بدعائه وجوها من المال، حتى أنا اليوم أغلق بابي على ما قيمته ألف ألف درهم، سوى مالي خارج داري، ورزقت عشرة من الأولاد، وقد مضى لي من العمر نيفا وسبعين سنة وأنا أقول بإمامة ذلك الرجل، الذي علم ما كان في نفسي، واستجاب الله دعاءه في أمري.
أقول: فانظر أيها العاقل! كيف كافى مولانا الهادي (عليه السلام) دعاء ذلك الرجل بسبب الإحسان ذلك بأن دعا له بما عرفت مع كونه خارجا حينئذ عن زمرة أهل الإيمان. أفترى من نفسك في حق مولانا صاحب الزمان، أن لا يذكرك بدعاء الخير إذا دعوت له، مع كونك من أهل الإيمان! لا والذي خلق الإنس والجان بل هو يدعو لأهل الإيمان وإن كانوا غافلين عن هذا الشأن، لأنه ولي الإحسان. ومما يؤيد ما ذكرناه في هذا المقام ما ذكره بعض إخواني الصالحين الكرام أنه رأى الإمام (عليه السلام) في المنام فقال (عليه السلام) له إني أدعو لكل مؤمن يدعو لي بعد ذكر مصائب سيد الشهداء في مجالس العزاء، نسأل الله التوفيق لذلك إنه سميع الدعاء.
(مکیال المکارم ؛ ج 1 ؛ محمد تقی الموسوی الاصبهانی)
أحدث وجهات النظر