الاهتداء بنور كتاب الله المبين لأن الدعاء يوجب ازدياد إشراق الأنوار الإلهية في القلب، وإذا أشرقت أرض القلب بنور ربها، اهتدى الإنسان بنور كلام الله المجيد، بنحو لا يعتدي به غيره، وفهم منه ما لا يفهمه غيره، وجعل القرآن على داء قلبه فيكون له شفاء ورحمة.

وأيضا لا ريب في أنه كلما كان الإيمان أكمل وأتم، كان انتفاع الإنسان بفوائد القرآن أكثر وأعظم كما أن الشخص إذا كان مزاجه صحيحا ينتفع ويلتذ بالأغذية الطيبة اللذيذة، وإذا فسد مزاجه لم يكن لها تأثير في بدنه، بل يكون ضارا مؤذيا له، حتى يعالج مزاجه، ويصلحه بإزالة مواد الأمراض، فكلما ضعف سوء المزاج، حصل آثار الأغذية الطيبة اللذيذة في البدن شيئا فشيئا حتى إذا ارتفع أسباب المرض بالكلية، ظهر جميع آثار الأغذية الطيبة، ومنافعها في البدن وكذلك القلب، إذا ارتفع عنه الطبع والرين والشك بنور الإيمان، ظهر فيه آثار هداية القرآن، وكلما كمل الإيمان ازداد صاحبه بصيرة وعلما وانتفاعا واهتداء بالقرآن وقد قال الله عز وجل في بيان ذلك * (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى) *. وحيث بينا فيما سبق أن الاهتمام في الدعاء لمولانا صاحب الزمان مما يوجب كمال الإيمان فيترتب عليه الاهتداء الكامل بالقرآن والله الموفق وهو ولي الإحسان، ويشهد لما ذكرناه أيضا قوله عزّ وجلّ * (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) *.
– فقد روى في كمال الدين عن الصادق (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: * (الذين يؤمنون بالغيب)* من آمن بقيام القائم (عليه السلام) أنه حق.
– وفيه في رواية أخرى عنه قال: الغيب هو الحجة الغائب وشاهد ذلك قول الله عزّ وجلّ * (ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين)*. إنتهى.
ووجه الاستشهاد كون الداعي مصداقا لمن آمن بقيام القائم أنّه حقّ والدليل على ذلك دعاؤه كما لا يخفى.

(مکیال المکارم ؛ ج 1 ؛ محمد تقی الموسوی الاصبهانی)