الأمن من العقوبات الأخروية، وأهوال يوم القيامة ويشهد لذلك آيات عديدة.
منها: قوله عزّ وجلّ * (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون) * بناء على أن يكون المراد باليوم الآخر: زمان دولة القائم (عليه السلام).
– كما روى في أصول الكافي عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: * (من كان يريد حرث الآخرة)* قال: معرفة أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) * (نزد له في حرثه) * قال: نزيده منها قال: يستوفي نصيبه من دولتهم * (ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب) * قال (عليه السلام): ليس له في دولة الحق مع القائم (عليه السلام) نصيب. إنتهى.
أو يكون المراد بالعمل الصالح المعرفة بالأئمة (عليهم السلام).
– كما عن تفسير العياشي عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى * (فليعمل عملا صالحا) * يعني بالعمل الصالح المعرفة بالأئمة (عليهم السلام).
– وعن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * قال: أي الذين آمنوا بالله وبرسوله وبالأئمة (عليهم السلام) أولي الأمر، وأطاعوا بما أمروهم، فذلك هو الإيمان، والعمل الصالح، الخبر. ووجه الاستشهاد كون الداعي بتعجيل ظهور صاحب الزمان (عليه السلام) داخلا في كلا هذين العنوانين، كما لا يخفى على من ارتفع عن وجه قلبه حجاب الطبع والرين.
ومنها: قوله تعالى في سورة البقرة: * (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * بناء على أن يكون المراد بالمحسن من تولى عليا (عليه السلام). – كما روي في مشكاة الأسرار: عن تفسير العياشي وغيره عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى) * قال (عليه السلام): العدل هو محمد (صلى الله عليه وآله)، فمن أطاعه فقد عدل، والإحسان علي (عليه السلام) فمن تولاه فقد أحسن والمحسن في الجنة * (وإيتاء ذي القربى) * فمن قرابتنا أمر الله العباد بمودتنا وإيتائنا، الخبر.
ووجه الاستشهاد أن الدعاء لمولانا القائم (عليه السلام) منبعث عن التولي القلبي لأمير المؤمنين (عليه السلام) بل هو من أوضح أقسام التولي اللساني له، فمن دعا له فقد تولى أمير المؤمنين ومن تولاه فهو محسن، فيدخل في المقصودين بالآية الشريفة إن شاء الله تعالى. ومنها: قوله تعالى: * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * لما سيأتي من دخول الداعي للإمام القائم في الشهداء مع النبي وأمير المؤمنين (عليه السلام) فيفوز بجميع ما فازوا به، ومنه ما ذكره الله في تلك الآية الشريفة.
ومنها: قوله تعالى: * (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * بضميمة ما روي في كمال الدين عن الصادق (عليه السلام) قال طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. انتهى.
ووجه الاستدلال كون الدعاء من علامات الانتظار كما لا يخفى على أهل الاعتبار.
ومنها قوله تعالى: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) *.
– لما روي في أصول الكافي عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: * (الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) * فقال أبو عبد الله (عليه السلام): استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد (الخ) إذ لا ريب في دلالة الدعاء بتعجيل ظهور مولانا الغائب عن الأبصار، على استقامة الداعي عليه وعلى آبائه الأئمة الأطهار. ويستفاد ما ذكرناه من روايات عديدة أيضا:
منها: ما رواه الشيخ الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي (رحمه الله) في تفسيره بسند صحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: * (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) * قال: الأعراف كثبان بين الجنّة والنار، والرجال الأئمّة صلوات الله عليهم، يقفون على الأعراف، مع شيعتهم وقد سبق المؤمنون إلى الجنّة بلا حساب، ويقول الأئمّة لشيعتهم من أصحاب الذنوب: انظروا إلى إخوانكم في الجنة، قد سبقوا إليها بلا حساب وهو قوله تبارك وتعالى * (سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون) * ثم يقال لهم: انظروا إلى أعدائكم في النار وهو قوله تعالى: * (وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم في النار) * فقالوا: * (ما أغنى عنكم جمعكم في الدنيا وما كنتم تستكبرون) * ثم يقولون لمن في النار من أعدائهم هؤلاء شيعتي وإخواني، الذين كنتم أنتم تحلفون في الدنيا أن لا ينالهم الله برحمة ثم يقول الأئمّة لشيعتهم ادخلوا الجنّة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون.
أقول: قد دلّ الحديث الذي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) على شفاعة الأئمة لمن نصرهم وذكرنا أيضا أن الداعي لمولانا صاحب الزمان (عليه السلام) داخل في ذاك العنوان فيدخل بشفاعتهم في الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
(مکیال المکارم ؛ ج 1 ؛ محمد تقی الموسوی الاصبهانی)
أحدث وجهات النظر