أنه إطاعة لأولي الأمر وهو أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل قال الله عزّ وجلّ * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * . فههنا مطالب:
أحدها: أن المراد بأولي الأمر في الآية المباركة الأئمة الأطهار (عليهم السلام).

والثاني: وجوب إطاعة أولي الأمر.
والثالث: كون ذلك أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل.
والرابع: كون الدعاء بتعجيل الفرج من مصاديق الإطاعة لهم (عليهم السلام).
أما الأول: فيدل عليه أخبار كثيرة من طرق الخاصة والعامة مذكورة في الكافي وغيبة النعماني، وكمال الدين وغاية المرام وتفسير البرهان والبحار، والمناقب وغيرها ونكتفي في هذا المقام بذكر بعضها نقلا عن تفسير البرهان بحذف الإسناد.
– فعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: لما أنزل الله عز وجل على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * قلت يا رسول الله، عرفنا الله ورسوله، فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال: هم خلفائي يا جابر، وأئمّة المسلمين من بعدي، أوّلهم علي بن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فأقرئه مني السلام ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي ثم سميي، وكنيي حجة الله في أرضه، وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان. قال جابر: فقلت له: يا رسول الله، فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال (عليه السلام): أي والذي بعثني بالنبوة، إنهم يستضيئون بنوره، وينتفعون بولايته في غيبته، كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلاها سحاب. يا جابر، هذا من مكنون سر الله، ومخزون علمه فاكتمه إلا عن أهله.
– وفيه عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز وجل * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * قال (عليه السلام) الأئمة من ولد علي وفاطمة صلوات الله عليهما إلى أن تقوم الساعة.
– وفيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * قال: إيانا عنى خاصة، الخبر.
وأما المطلب الثاني: وهو وجوب إطاعة أولي الأمر فيكفي في ذلك قوله عز وجل * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * والأخبار في ذلك كثيرة.
وأما المطلب الثالث: وهو أن إطاعة أولي الأمر أفضل ما يتقرب به العباد بعد إطاعة الله وإطاعة رسوله:
– فيدل عليه ما روي في أصول الكافي في باب فرض طاعة الأئمة بإسناده عن محمد بن الفضيل، قال: سألته عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل قال (عليه السلام) أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل طاعة الله، وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر، الخبر.
وأما المطلب الرابع وهو كون الدعاء في حق مولانا (عليه السلام) من مصاديق الإطاعة فيدل عليه جميع ما ورد عنهم (عليهم السلام) من الأمر بالدعاء له، والحث على ذلك، قوله (عليه السلام) في التوقيع: وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم، الخ.

(مکیال المکارم ؛ ج 1 ؛ محمد تقی الموسوی الاصبهانی)