الأوقات والحالات التي يتأكد فيها الدعاء لمولانا صاحب الزمان (عليه السلام): كل صباح ومساء ويشهد لذلك العقل، والنقل.
أما الأول فلا ريب عند العاقل العارف في حسن الاهتمام بذلك أداء لبعض ما يجب مراعاته من حقوقه عليه الصلاة والسلام، وليزين به صحيفة أعمال يومه وليلته الحفظة الكرام ألا ترى العبيد والخدام كيف يحضرون عند مواليهم وساداتهم في كل صبيحة وعشية إظهارا للخدمة، وشكرا للنعمة. فنحن أحق بذلك لأنا نعلم أن جميع ما أنعم الله عز وجل به علينا من أصناف النعم، وصنوف الإحسان، إنما هو ببركة مولانا صاحب الزمان. كما أثبتنا لك ذلك بواضح البرهان فينبغي لك أن تحضر نفسك بجميع أركان وجودك في كل صباح ومساء بحضرته، وتعلم أنك بمرأى منه ومسمع، وهو يراك، وإن لم تكن تراه، ويهتم بأمر من يحبه ويهواه.

– كما نطق بذلك كتابه إلى الشيخ المفيد (رضي الله عنه) حيث قال في جملة كلام له (عليه السلام): وإنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء، واصطلمكم الأعداء. الخ، فافتح مسامع قلبك تهيأ لخدمته، وأطع أمره الذي أمرك به إجابة لدعوته، فقد أمر أولياءه بذلك، بقوله (عليه السلام): وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن ذلك فرجكم. الخ
– وأما الثاني: فلورود ذلك في دعاء مخصوص بكل صباح ومساء، عن مولانا الصادق (عليه السلام) فقد روى ثقة الإسلام الكليني رحمه الله تعالى في أصول الكافي بإسناده عن فرات بن الأحنف عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مهما تركت من شئ فلا تترك أن تقول في كل صباح ومساء اللهم إني أصبحت أستغفرك في هذا الصباح، وفي هذا اليوم لأهل رحمتك، وأبرأ إليك من أهل لعنتك. اللهم إني أصبحت أبرأ إليك في هذا اليوم، وفي هذا الصباح ممن نحن بين ظهرانيهم من المشركين، ومما كانوا يعبدون، أنهم كانوا قوم سوء فاسقين. اللهم اجعل ما أنزلت من السماء إلى الأرض في هذا الصباح وفي هذا اليوم بركة على أوليائك، وعقابا على أعدائك اللهم وال من والاك، وعاد من عاداك. اللهم اختم لي بالأمن والإيمان، كلما طلعت شمس أو غربت. اللهم اغفر لي ولوالدي، وارحمهما كما ربياني صغيرا اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم إنك تعلم منقلبهم ومثواهم. اللهم احفظ إمام المسلمين بحفظ الإيمان وانصره نصرا عزيزا، وافتح له فتحا يسيرا، واجعل له وليا من لدنك سلطانا نصيرا. اللهم العن فلانا وفلانا والفرق المختلفة على رسولك، وولاة الأمر بعد رسولك والأئمة من بعده وشيعتهم، وأسألك الزيادة من فضلك والإقرار بما جاء به من عندك، والتسليم لأمرك، والمحافظة على ما أمرت به لا أبتغي به بدلا، ولا أشتري به ثمنا قليلا. اللهم اهدني فيمن هديت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، ولا يذل من واليت تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت، تقبل مني دعائي، وما تقربت به إليك من خير فضاعفه لي أضعافا كثيرة وآتنا من لدنك أجرا عظيما رب ما أحسن ما أبليتني، وأعظم ما أعطيتني، وأطول ما عافيتني، وأكثر ما سترت علي فلك الحمد يا إلهي كثيرا طيبا مباركا عليه ملء السماوات، وملء الأرض وملء ما يشاء ربي كما يحب ويرضى وكما ينبغي لوجه ربي ذي الجلال والإكرام.
أقول: ويشهد لما ذكرنا أيضا دعاء العهد، ويؤيده أيضا الدعاء للفرج بعد صلاة الصبح، ويؤيده أيضا ما ورد من عرض الأعمال كل صباح ومساء على الأئمة (عليهم السلام) ودعائهم لشيعتهم في هذا الحال، فينبغي للمؤمن أيضا الاشتغال بالدعاء في حق الإمام، والروايات كثيرة مذكورة في الكافي والبصائر والبرهان وغيرها من كتب علمائنا الأعلام. ويؤيده أيضا ما ورد من الحث على الذكر والدعاء عند الأصباح والامساء فإن ذلك الدعاء، من أفضل أصناف الدعاء.

(مکیال المکارم ؛ ج 2 ؛ محمد تقی الموسوی الاصبهانی)