آداب الدعاء لمولانا الغائب (عليه السلام) – يجوز بل يستحب النيابة في ذلك العمل المبارك عن الأحياء، خصوصا الوالدين وذوي القرابة.

ويدل على ذلك تصريحا أو تلويحا روايات:
– منها في الوسائل عن علي بن أبي حمزة قال: قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام): أحجّ وأصلّي وأتصدّق عن الأحياء والأموات من قرابتي وأصحابي؟ قال: نعم تصدّق عنه وصل عنه ولك أجر بصلتك إيّاه.
قال ابن طاووس “رحمه الله” فيما حكى عنه بعد نقل الحديث: يحمل في الحيّ على ما تصحّ فيه النيابة، انتهى.
– وعن محمّد بن مروان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما يمنع الرجل منكم أن يبرّ والديه حيين وميتين؟ يصلّي عنهما ويتصدّق عنهما ويحجّ عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الّذي صنع لهما وله مثل ذلك فيزيده الله عزّ وجل ببرّه وصلته خيرا كثيرا .
قال في الوسائل: الصلاة في الحي مخصوص بصلاة الطواف والزيارة لما يأتي “انتهى”.
– أقول: الظاهر أن غرضه ممّا يأتي خبر عبد الله بن جندب قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن الرجل يريد أن يجعل أعماله من البرّ والصّلاة والخير أثلاثا ثلثا له وثلثين لأبويه أو يفردهما من أعماله بشئ مما يتطوّع به، وإن كان أحدهما حيّا والآخر ميّتا، فكتب إلي أما الميت فحسن جائز وأما الحيّ فلا إلا البرّ والصلة انتهى.
وليس غرضنا الآن بيان جواز النيابة عن الأحياء في الصّلوات المندوبة وعدمه فإنّ لتحقيقه محلّا آخر، بل غرضنا الآن بيان رجحان النيابة عن أحياء المؤمنين وأمواتهم في الدعاء في حقّ مولانا صاحب الزمان، وبتعجيل فرجه وظهوره، والحديث المذكور دالّ على ذلك، لأن الدّعاء في حقّ مولانا (عليه السلام) من أفضل أفراد البرّ بلا كلام، وقد دلّ الخبر على حسن النيابة، ولو عن الحيّ في البرّ والصّلة وكذا خبر محمّد بن مروان دلّ على حسن بر الوالدين حيّين أو ميّتين. والظاهر أن ذكر الصّلاة والتصدّق والحجّ من باب المثال. فمن ملاحظة جميع ما ذكرناه بضميمة قوله في دعاء العهد: اللهم بلّغ مولاي صاحب الزمان (عليه السلام) عن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها، وسهلها وجبلها حيهم وميتهم، وعن والدي، وولدي وعنّي من الصّلوات والتّحيّات إلى آخره وبضميمة ما ورد من النيابة عن الأحياء في الزيارات، ودعواتها والحج، والطواف ونحوها، تحصل حسن النّيابة في الدعاء لمولانا صاحب الزمان (عليه السلام) وقراءة الدعوات المأثورة في حقّه بل سائر أصناف الدعوات عن أحياء المؤمنين والمؤمنات، ولا سيّما ذوي الحقوق والقرابات كما ثبت رجحان النيابة في ذلك كلّه عن الأموات وبذلك يدرك الحيّ والميّت والنائب والمنوب عنه أزواجا من الفوائد والمثوبات.
فإن قلت: إن حديث عبد الله بن جندب ليس صريحا في النيابة بل يحتمل أن يكون المراد فيه إهداء ثواب البر والصلة والصلاة.
قلت: الظاهر أن صدر السؤال كان سؤالا عن الإهداء، وقوله: أو يفردهما ” لخ،” كان سؤالا عن النيابة، وهذا واضح بأدنى تأمّل إن شاء الله تعالى.

(مکیال المکارم ؛ ج 2 ؛ محمد تقی الموسوی الاصبهانی)