ابوالقاسم الحسین بن رُوح النُّوبختیّ هو أحد السفراء و الابواب بالإمام المهدیّ علیه السّلام خلال غیبته الصغرى، من سنة 304 أو 305 الي 326 و شهرة جلالته تُغنی عن الإطالة فی تعریفه.
إلاّ ما ذُكر فیه أنّه كان على جانبٍ كبیر من التقوى و الصلاح، و وفور العقل و العلم، و كان موقّراً عند العامّة و الخاصّة، و أنّه ینتسب إلى آل نوبخت من جهة أمّه. عُرِف عن الحسین بن روح قوّة إرادته، و شدّة صلابته فی الحقّ، و كان یُؤْثر التقیّة و یجاری محیطه المشحون بالبغض لأهل البیت علیهم السّلام. فی الوقت ذاته كان وكیلاً لأبی جعفر محمّد بن عثمان العَمْریّ سنینَ طویلة، ینظر فی أملاكه و یأنس معه فی الحدیث، فحصّل فی أنفس الشیعة محصّلاً جلیلاً؛ لمعرفتهم باختصاص العَمْریّ (و هو السفیر الثالث) إیّاه و توثیقه عندهم، و نشر فضله و ما یحتمل من هذا الأمر ( الإمامة )، فتمهّدت له الحال طول حیاة العَمْریّ، إلى أن انتهت الوصیّة إلیه بالنصّ علیه، فلم یُختلَف فی أمره(1).
الوصیّة: • روى الشیخ الطوسیّ قال: أخبرنا جماعة عن أبی محمّد هارون بن موسى قال: أخبرنی أبو علی محمّد بن همّام رضی الله عنه و أرضاه أنّ أبا جعفر محمّد بن عثمان العمری جمَعَنا قبل موته ـ و كنّا وجوهَ الشیعة و شیوخها ـ فقال لنا: إنْ حَدَث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسينِ بن روح النوبختى؛ فقد أُمِرتُ أن أجعله في موضعي بعدى، فارجعوا إلیه، و عوِّلوا فی أُموركم علیه(2). سفارته و روایته: • عن الحسین بن علیّ بن بابویه قال: حدّثنی جماعة من أهل بلدنا المقیمین كانوا ببغداد فی السنة التی خرجت القرامطة على الحاجّ، و هی سنة تناثر الكواكب، أنّ والدی رضی الله عنه كتب إلى الشیخ أبی القاسم الحسین بن روح قدّس الله روحه یستأذن فی الخروج إلى الحجّ، فخرج الجواب: لا تخرج فی هذه السنة. فأعاد و قال: هو نَذْرٌ واجب، أفیجوز لیَ القعود عنه ؟ فخرج فی الجواب: إن كان لابدّ فكن فی القافلة الأخیرة. و كان فی القافلة الأخیرة فسَلِم بنفسه و قُتِل مَن تقدّمه فی القوافل الأُخَر ( أی على ید القرامطة )(3). • و كتب علیّ بن الحسین بن بابویه القمّی ـ والدُ الشیخ الصدوق ـ رسالةً إلى الحسین بن روح یطلب فیها أن یسأل الإمامَ المهدیّ علیه السّلام بأن یدعو اللهَ تعالى له لیرزقه أولاداً فقهاء من زوجته ابنة عمّه، فجاء الجواب أنّه لا یُرزق من زوجته هذه، و لكنّه سیملك جاریةً و یُرزق منها ولَدَین فقیهین. فلم تمضِ الأیّام حتى ملك جاریةً دَیْلمیّة، فرزقه الله منها ثلاثة أولاد هم: محمّد ـ و هو الشیخ الصدوق ـ، و الحسین و كان فقیهاً علماً و آیةً فی الفهم و الحفظ هو و أخوه الصدوق، و كان الناس یتعجبون من ذكائهما و یقولون: إنّ هذا ببركة دعوة الإمام المهدیّ علیه السّلام، حیث أبلغها الحسین بن روح، و هی قوله سلام الله علیه: قد دَعَونا لك بذلك، و ستُرزَق ولدَینِ ذكرَینَ خیّرین(4). أمّا الولد الثالث فهو الحسن، و كان مشتغلاً بالعبادة، مُؤْثراً العزلة و الزهد(5). هذا. و قد رُویت عن الشیخ الحسین بن روح أخبار كثیرة (6). وفاته: بقی الحسین بن روح سفیراً عن الإمام المهدیّ عجّل الله فرَجَه إحدى أو اثنتین و عشرین سنة، و كان الواسطة الأمینة بین الشیعة و إمامهم، تصل على یدیه مسائلهم و حقوقهم الشرعیّة، فكان الحسین بن روح یوصلها. حتّى مرض أیّاماً ثمّ أدركَتْه المنیّة فی شهر شعبان سنة ستٍّ و عشرین و ثلاثِمائةٍ هجریّة. و قد جُهّز، و شُیّع تشییعاً حافلاً، و دُفن فی مثواه الأخیر. عن أبی نصر هب الله بن محمّد الكاتب، أنّ قبر الحسین بن روح فی النوبختیّة، فی الدرب الذی كانت فیه دار علیّ بن أحمد النوبختی النافذ إلى التلّ، و إلى درب الآخر، و إلى قنطرة الشوك(7)، أی فی بغداد خلف سوق الشورجة، و الناس ـ إلى يومنا هذا ـ يتبرّكون بزيارة قبره الزاكى.
1ـ الغَيبة للشيخ الطوسى: 227.
2 ـ الغیبة للطوسیّ: 226.
3 ـ الغیبة للطوسی ـ عنه: بحار الأنوار للشیخ المجلسی 293:51 / ح 1.
4 ـ رجال النجاشى: 185.
5 ـ الغیبة: 188.
6 ـ الغیبة: 238.
7 ـ الغیبة: 238.
أحدث وجهات النظر