الفوز بثواب إعانة المظلوم ونصره أمّا كونه (عليه السلام) مظلوما فلا خفاء فيه. وأمّا حسن نصرة المظلوم وإعانته فمما يدل عليه العقل والنقل.

– ففي البحار وغيره، عن الصادق (عليه السلام) قال: ما من مؤمن ينصر أخاه وهو يقدر على نصرته إلا نصره الله في الدنيا والآخرة.
– وعنه (عليه السلام) قال: من أغاث أخاه المؤمن اللهفان عند جهده فنفس كربته، وأعانه على نجاح حاجته، كانت له بذلك عند الله اثنتان وسبعون رحمة من الله، يعجل الله له منها واحدة يصلح بها معيشته، ويدخر له إحدى وسبعين لأفزاع يوم القيامة وأهواله، إلى غير ذلك مما يوجب ذكره الإطناب، وفيما ذكرناه كفاية لأولي الألباب. وأمّا كون الدعاء له، ومسألة تعجيل فرجه إعانة ونصرة له أن الدعاء لصاحب الزمان (عليه السلام) من أقسام النصرة باللسان، وبيان ذلك أن المراد من النصرة والإعانة هو الإقدام في أمر يكون سببا أو جزء سبب حقيقة أو في نظر الناصر لدفع مضرة، أو جلب منفعة، أو قضاء حاجة، لمن يريد نصرته وهذا العنوان ثابت في دعاء أهل الإيمان لمولانا صاحب الزمان وذلك لأن تأثير الدعاء في كل من الأمور المذكورة ثابت بالروايات الكثيرة المأثورة، المسطورة في باب فضل الدعاء، من كتب العلماء الأخيار كالكافي والوسائل والبحار فإذا اجتهد المؤمن في الدعاء، لكشف الغم والحزن عن قلب إمامه، والتعجيل في حصول مرامه بشرائطه المذكورة في مقامه، كان أثر ذلك حاصلا بمقتضى الوعدة الإلهية، لأن الله تعالى لا يخلف الميعاد. فظهر من ذلك أن الدعاء إعانة ونصرة للإمام، فيما يريده من أقسام المرام مضافا إلى ما ورد من أمره المطاع الأعلى في التوقيع الرفيع الأسنى أنه قال: وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم، الخ فإنه (عليه السلام) طلب من أحبائه حاجة يقدرون على قضائها، والإقدام فيها، وهي الإكثار من الدعاء له بتعجيل فرجه. فإقدام كل أحد منهم في ذلك إعانة في قضاء حاجته، وإنجاح طلبته. ويشهد لما ذكرنا أيضا من تأثير الدعاء في استباق ذلك.
– ففي الحديث المذكور الذي روي في الكافي عن عيسى بن أبي منصور، قال الصادق (عليه السلام) (ابتداء منه لعبد الله بن أبي يعفور في باب حق المؤمن على أخيه): يا بن أبي يعفور! قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ست خصال من كن فيه كان بين يدي الله عزّ وجلّ، وعن يمين الله عزّ وجلّ فقال ابن أبي يعفور! وما هي جعلت فداك؟ قال (عليه السلام): يحب المرء المسلم لأخيه ما يحب لأعز أهله، ويكره المرء المسلم لأخيه ما يكره لأعز أهله، ويناصحه الولاية فبكى ابن أبي يعفور، وقال كيف يناصحه الولاية؟ قال: يا بن أبي يعفور! إذا كان منه بتلك المنزلة بثه همه، ففرح لفرحه إن هو فرح، وحزن لحزنه إن هو حزن، وإن كان عنده ما يفرج عنه فرج عنه، وإلا دعا الله له، الخبر.
فإنه (عليه السلام) جعل الدعاء إعانة وتفريجا لمن لا يقدر على التفريج والإعانة بغير ذلك.
– ويشهد لما ذكرناه ويؤيده ما ورد في دعاء سيد الساجدين (عليه السلام) للغازين والمرابطين، حيث قال (عليه السلام): اللهم وأيما عبد مسلم خلف غازيا أو مرابطا في داره، أو تعهد خالفيه في غيبته أو أعانه بطائفة من ماله أو أمده بعتاد، أو شحذه على جهاد، أو اتبعه في وجهه دعوة، أو رعى له من ورائه حرمة فأجر له مثل أجره وزنا بوزن، ومثلا بمثل الخ. فإنه عد الدعاء للمجاهدين والمرابطين من أصناف إعانتهم وطلب للداعين مثل أجرهم فتدبر.
ثم إن من أقسام الإعانة بالدعاء الدعاء لهلاك أعدائه وظالميه إذ لا ريب في تأثير دعاء المؤمن في هلاك الظالمين إذا كان دعاؤه مقرونا بالشروط المأثورة عن الأئمة الطاهرين، صلوات الله عليهم أجمعين فإذا لم يقدر المؤمن على قتل أعداء إمامه وظالميه بالآلات الحربية كالسيف والسنان واقتدر على ذلك بمعونة الدعاء باللسان، وجب عليه أن يدخل في أعوانه وأنصاره بهذا العنوان، والله الموفق وهو المستعان ولذلك ورد عنهم الحث على لعن أعدائهم.

(مکیال المکارم ؛ ج 1 ؛ محمد تقی الموسوی الاصبهانی)