السيد محمد الجونفوري:
لقد کان كثيرا عن الحركات المهدوية التي قامت في المغرب أو السودان، وبلاد الشرق أيضا لم تعدم من يدعي فيها هذه الدعوى فنشأت في الهند أيضا فرقة مهدوية.
وكان مؤسس هذه الفرقة محمد بن يوسف الجونفوري، ولد في سنة 848 ه في مدينة جونبور بشرق الهند وطلب العلم من بعض المشايخ ثم اشتغل بالعبادة والرياضة حتى ترك الأهل والأولاد وخرج يتجول في الفيافي والصحاري والجبال، ورجع بدعوى المهدية فأخذ يبشر الناس بمهديته من بلد إلى بلد وتبعه أناس كثيرون مغترين بزهده وتقشفه كشأنهم وراء كل ناعق. وفي سنة 901 ه سافر للحج وادعى في مكة المكرمة أنه مهدي ومن تبعه فهو مؤمن. ثم رجع إلى الهند وأخذ يتجول من بلد إلى بلد يدعو الناس إلى مهديته وتوجه إلى خراسان ولعله أراد أن يطبق عليه حديث الرايات السود من خراسان ولكن حالت بعض الموانع دونه فمات وهو ينتظر الدخول في خراسان، وكانت وفاته سنة 910 ه.
قال في نزهة الخواطر: ” قال أبو رجا محمد الشاه جهانبوري في الهدية المهدوية أن الجونبوري لم يمنع أصحابه من ذلك (أي من نسبة المهدوية إليه) وبدل اسم أبيه بعبد الله واسم أمه بآمنة وأشاعهما في الناس وصنف كتابا في أصول ذلك المذهب…
ومنها: أنه كان مساويا لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في المنزلة وإن كان تابعا له في الدين.
ومنها: أن الجونبوري وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كلاهما مسلمان كاملان وسائر الأنبياء ناقصوا الاسلام.
ومنها: أن الجونبوري شريك في بعض الصفات الإلهية بعد فوزه بمنصب الرسالة والنبوة (2).
وقد عاثت هذه الفرقة فسادا في ذلك العصر فزعموا أن شيخهم هو إمام ذلك العصر وأن من لم يدخل في طاعته فقد مات ميتة جاهلية وقتلوا كثيرا من مخالفيهم واستباحوا اغتيالهم، ولقد ألف علي المتقي صاحب كنز العمال رسالتين للرد عليهم وهما ” الرد على من حكم وقضى أن المهدي قد جاء ومضى ” قال فيه:
” ومن قبائحهم أنهم يعتقدون أن من أنكر بهذا السيد الماضي الذي ادعى المهدوية فهو كافر وبهذا الاعتقاد يكفرون المسلمين ويكفرون بتكفيرهم (3). وقال في كتابه الاخر ” البرهان في علامات مهدي آخر الزمان “:
” كفى دليلا على بطلان اعتقاد هذه الطائفة قتلهم العلماء، فإن خصلتهم هذه تدل على عدم الدليل على اعتقادهم وعجزهم عن إثبات معتقدهم ” (4).
وقال البرزنجي: ” وقد سمعت كثيرا من القادمين من بلاد الهند إلى الحرمين من العلماء والصلحاء أن أولئك القوم إلى الان على ذلك الاعتقاد الخبيث وأنهم يعرفون بالمهدوية وربما سموا بالقتالية لان كل من قال لهم إن اعتقادكم باطل قتلوه. حتى إن الرجل الواحد منهم يكون بين الجمع الكثير من المسلمين فإذا قيل له إن اعتقادك باطل قتل القائل ولا يبالي أيقتل أو يسلم” (5).
(1) نزهة الخواطر (7 / 324 – 326).
(2) المصدر السابق (7 / 325).
(3) الرد على من حكم وقضى (ص 137 – 138 ب).
(4) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان (ص 6 – 17).
(5) الإشاعة (ص 121).
أحدث وجهات النظر