صالح علیه السلام: غاب عن قومه فلمّا رجع إليهم أنكره كثير منهم . روي في كمال الدين (1) عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال: إن صالحا عليه السلام غاب عن قومه زمانا. و كان يوم غاب عنهم كهلا، مبدح البطن، حسن الجسم، وافر اللحية، خميص البطن، خفيف العارضين، مجتمعا ربعة من الرجال. فلما رجع إلى قومه لم يعرفوه بصورته، فرجع إليهم و هم على ثلاث طبقات، طبقة جاحدة لا ترجع أبدا و أخرى شاكّة فيه، و أخرى على يقين. فبدأ عليه السلام حيث رجع بطبقة الشّكاك، فقال لهم: أنا صالح فكذّبوه و شتموه، و زجروه، و قالوا برئ الله منك، إن صالحا كان في غير صورتك. قال عليه السلام: فأتى الجحاد فلم يسمعوا منه القول، و نفروا منه أشّد النفور، ثمّ انطلق إلى الطبقة الثّالثة، و هم أهل اليقين، فقال لهم: أنا صالح! فقالوا: أخبرنا خبرا لا نشك فيه أنّك صالح، فإنّا لا نمتري أن الله تبارك و تعالى الخالق ينقل و يحول في أيّ صورة شاء، و قد أخبرنا و تدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء، و إنّما يصحّ عندنا إذا أتى الخبر من السماء. فقال لهم صالح: أنا صالح الّذي أتيتكم بالنّاقة. فقالوا: صدقت، و هي الّتي نتدارس، فما علامتها؟ فقال: (لها شرب و لكم شرب يوم معلوم). قالوا: آمنا بالله و بما جئتنا به فعند ذلك قال الله تبارك و تعالى: (إن صالحا مرسل من ربه). فقال أهل اليقين (إنّا بما أرسل به مؤمنون). و قال الذين استكبروا و هم الشّكاك و الجحاد: ( إنّا بالّذي آمنتم به كافرون). قلت: هل كان فيهم ذلك اليوم عالم؟ قال عليه السلام: الله أعدل من أن يترك الأرض بلا عالم يدلّ على الله عزّ و جلّ و لقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيّام على فترة لا يعرفون إماما غير أنهم على ما في أيديهم من دين الله عز وجل كلمتهم واحدة، فلمّا ظهر صالح عليه السلام اجتمعوا عليه، و إنّما مثل القائم مثل صالح.
القائم عليه السلام: يجري فيه ما جرى في صالح حرفا بحرف، فإنّه يظهر مع طول عمره في صورة شابّ، دون أربعين سنة و النّاس بين موقن و شاك و جاحد، فيدعوهم فينكرونه، فيقتلهم، و الموقنون يطلبون منه العلامة، فيريهم، فيبايعونه و قد ورد بكلّ ذلك الرواية.
(مكيال المكارم، ميرزا محمد تقي الأصفهاني 1: 160 – 161)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 – إكمال الدين 1: 136، باب 3، ذيل 61.
أحدث وجهات النظر