سیرة عزیر:
المشهور أن عزيراً من أنبياء بني إسرائيل و أنه كان فيما بين داود و سليمان و بين زكريا و يحيى، و أنه لما لم يبقى في بني إسرائيل من يحفظ التوراة ألهمه الله حفظها فسردها على بني إسرائيل.
قال الله تعالی فی کتابه: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
ذكر الطبرانى و السيوطى و ابن كثير أن هذه الآية المقصود بها عزير.
و فى تفسيرها: أن عزيرا كان عبدا صالحا حكيما، خرج ذات يوم إلى ضيعة له يتعاهدها، فلما انصرف انتهى إلى خربة حين قامت الظهيرة أصابه الحر، فدخل الخربة و هو على حمار له، فنزل عن حماره و معه سلة فيها تين و سلة فيها عنب، فنزل في ظل تلك الخربة، و أخرج قصعة معه، فاعتصر من العنب الذي كان معه في القصعة، ثم أخرج خبزا يابسا معه فألقاه في تلك القصعة في العصير ليبتل ليأكله، ثم استلقى على قفاه و أسند رجليه إلى الحائط، فنظر سقف تلك البيوت و رأى منها ما فيها و هي قائمة على عرشها و قد باد أهلها، ورأى عظاما بالية فقال: {أنى يحيي هذه الله بعد موتها!} فلم يشك أن الله يحييها و لكن قالها تعجبا. فبعث الله ملك الموت فقبض روحه، فأماته الله مائة عام، فلما أتت عليه مائة عام و كان فيما بين ذلك في بني إسرائيل أمور و أحداث، فبعث الله إلى عزير ملكا فخلق قلبه ليعقل به، و عينيه لينظر بهما فيعقل كيف يحيي الله الموتى، ثم ركب خلقه و هو ينظر، ثم كسا عظامه اللحم و الشعر و الجلد، ثم نفخ فيه الروح كل ذلك يرى و يعقل، فاستوى جالسا.
فقال له الملك: كم لبثت؟
قال: لبثت يوما و ذلك أنه كان نام في صدر النهار عند الظهيرة، و بعث في آخر النهار و الشمس لم تغب. فقال: أو بعض يوم، و لم يتم لي يوم.
فقال له الملك: بل لبثت مائة عام، فانظر إلى طعامك وشرابك، يعني الطعام الخبز اليابس، و شرابه العصير الذي كان اعتصر في القصعة، فإذا هما على حالهما لم يتغير العصير و الخبز اليابس، فذلك قوله {لم يتسنه} يعني لم يتغير، و كذلك التين و العنب غض لم يتغير عن حاله، فكأنه أنكر في قلبه.
فقال له الملك: أنكرت ما قلت لك انظر إلى حمارك. فنظر فإذا حماره قد بليت عظامه و صارت نخرة.
فنادى الملك عظام الحمار فأجابت و أقبلت من كل ناحية حتى ركبه الملك و عزير ينظر إليه، ثم ألبسها العروق و العصب، ثم كساها اللحم، ثم أنبت عليها الجلد و الشعر، ثم نفخ فيه الملك، فقام الحمار رافعا رأسه و أذنيه إلى السماء ناهقا، فذلك قوله: {و انظر إلى حمارك و لنجعلك آية للناس و انظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما} يعني انظر إلى عظام حمارك كيف يركب بعضها بعضا في أوصالها، حتى إذا صارت عظاما مصورا حمارا بلا لحم، ثم انظر كيف نكسوها لحما {فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير} من احياء الموتى وغيره.
قال: فركب حماره حتى أتى محلته فأنكره الناس، و أنكر الناس، و أنكر منازله، فانطلق على و هم منه حتى أتى منزله، فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أتى عليها مائة وعشرون سنة كانت أمة لهم، فخرج عنهم عزير وهي بنت عشرين سنة كانت عرفته و عقلته فقال لها عزير: يا هذه أهذا منزل عزير؟ قالت: نعم، و بكت و قالت: ما رأيت أحدا من كذا و كذا سنة يذكر عزيرا و قد نسيه الناس.
قال: فإني أنا عزير.
قالت: سبحان الله! فإن عزيرا قد فقدناه منذ مائة سنة فلم نسمع له بذكر.
قال: فإني أنا عزير، كان الله أماتني مائة سنة ثم بعثني.
قالت: فإن عزيرا كان رجلا مستجاب الدعوة، يدعو للمريض و لصاحب البلاء بالعافية و الشفاء فادع الله أن يرد علي بصري حتى أراك، فإن كنت عزيرا عرفتك. فدعا ربه و مسح يده على عينيهما فصحتا، و أخذ بيدها فقال: قومي بإذن الله، فأطلق الله رجلها فقامت صحيحة كأنما نشطت من عقال، فنظرت فقالت: أشهد أنك عزير.
و قال الله تعالی فی کتابه: {و َقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ}
و جاء عزير الى بنى اسرائيل، فقالت بنو إسرائيل: فإنه لم يكن فينا أحد حفظ التوراة و قد حرق بختنّصر التوراة و لم يبق منها شيء إلا ما حفظت الرجال فاكتبها لنا.
فكتب عزير لبني إسرائيل التوراة من حفظه.
فقال بني إسرائيل: لم يستطع موسى أن يأتينا بالتوراة إلا في كتاب و أن عزيراً قد جاءنا بها من غير كتاب. فقالت طوائف منهم: عزير ابن الله.

شباهته بعزیر عليه السلام:
تشابه مولانا المهدی بعزير النبی بجهات:
1- عزير عليه السلام لما رجع إلى قومه و ظهر فيهم قرأ التوراة كما أنزلت على موسى بن عمران (عليه السلام) .
القائم ( عليه السلام ) حين يظهر لأهل الأرض يقرأ القرآن كما أنزل على خاتم النبيين (صلى الله عليه و آله).

(مكيال المكارم، ميرزا محمّد تقي الأصفهاني 1: 197 – 198)