تشابه مولانا المهدی بعيسي النبی بجهات عدیدة:
1- عيسى عليه السلام: ابن سيّدة النّساء في زمانها.
القائم عليه السلام ابن سيّدة النّساء في زمانها.
2- عيسى عليه السلام تكلّم في بطن أمّه، و كان يسبّح. رواه الفاضل المجلسي رحمه الله في البحار عن الثّعلبي من طريق العامّة.
القائم عليه السلام تكلّم في بطن أمّه كما فی الروایة.
3- عيسى عليه السلام تكلّم في المهد صبيّا.
القائم عليه السلام تكلّم في المهد صبيّا و يدل على ذلك عدة روايات منها ما في كمال الدين (1) عن حكيمة بنت محمّد بن علي الجواد عليه السلام: إنّ الحجّة عليه السلام تكلّم بعد ولادته، فقال: أشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له و أنّ محمّدا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثمّ صلّى على أمير المؤمنين و على الأئمّة (عليهم السلام) إلى أن وقف على أبيه، ثمّ أحجم و تكلّم في اليوم السابع بالتّوحيد، و الصّلاة على محمّد و الأئمّة (عليهم السلام) ثمّ تلا هذه الآية: (بسم الله الرّحمان الرّحيم و نريد أن نمنّ على الّذين استضعفوا . . . ) (2) الی آخره. و منها في رواية أخرى فيه (3) أنّه حين تولّده خرّ ساجدا لوجهه، جاثيا على ركبتيه، رافعا سبابتيه، و هو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله و أنّ جدّي محمّدا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أنّ أبي أمير المؤمنين، ثمّ عدّ إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه، ثمّ قال (عليه السلام): اللّهمّ أنجز لي ما وعدتني، و أتمم لي أمري و ثبّت وطأتي، و املأ الأرض بي عدلا و قسطا. و منها ما فيه أيضا (4) عن نسيم و مارية الجاريتين أنّه سقط صاحب الزّمان عليه السلام من بطن أمّه جاثيا على ركبتيه، رافعا سبابتيه إلى السماء، ثمّ عطس فقال: الحمد لله ربّ العالمين و صلّى الله على محمّد و آله، زعمت الظّلمة أن حجّة الله داحضة، لو أذن لنا في الكلام لزال الشّكّ. و فيه (5) عن نسيم الخادم قالت: قال صاحب الزّمان (عليه السلام): و قد دخلت عليه بعد مولده بليلة، فعطست عنده، فقال (عليه السلام) لي: رحمكِ الله، قالت نسيم: ففرّحت بذلك. فقال (عليه السلام) لي: ألا أبشّركِ في العطاس؟ قلت: بلى يا مولاي! قال (عليه السلام): هو أمان من الموت ثلاثة أيّام.
4 – عيسى عليه السلام آتاه الله الحكم صبيّا.
القائم عليه السلام آتاه الله الحكم صبيّا کما وقع الامر فیه بعد موت ابیه و له خمس سنین.
5- عيسى عليه السلام رفعه الله إليه.
القائم عليه السلام رفعه الله کما ورد فی الروایة.
6 – عيسى عليه السلام اختلف النّاس فيه.
القائم عليه السلام اختلف النّاس فيه. إنّ الصادق عليه السلام قال في بيان شباهة الحجّة (عليه السلام) بعيسى: إنّ اليهود و النّصارى اتّفقت على أنّه قتل، فكذّبهم الله جلّ ذكره بقوله عزّ و جلّ: (و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبّه لهم) (6) كذلك غيبة القائم، فإنّ الأمّة ستنكرها لطولها، فمن قائل بغير هدى بأنّه لم يولد، و قائل يقول: إنّه ولد و مات، و قائل يكفر بقوله: إن حادي عشرنا كان عقيما و قائل يمرق بقوله: إنّه يتعدّى إلى ثالث عشر فصاعدا، و قائل يعصي الله عزّ و جلّ بقوله: إن روح القائم ينطق في هيكل غيره، الخبر.
7- عيسى عليه السلام كان يحيي الموتى بإذن الله تعالى، قال الله عزّ و جلّ نقلا عنه (عليه السلام): (و أحيي الموتى بإذن الله) (7) و قال تعالى مخاطبا له: (و إذ تخرج الموتى بإذني) الآية. و يعجبني هنا نقل رواية لطيفة مشتملة على مواعظ شريفة، رواها جمع من سلفنا الصالحين رحمهم الله في كتبهم منهم الشّيخ البهائي رحمه الله في كتاب شرح الأربعين عن الصادق عليه السلام. قال: مرّ عيسى ابن مريم (عليه السلام) على قرية قد مات أهلها و طيرها و دوابّها، فقال (عليه السلام): أما إنّهم لم يموتوا إلاّ بسخطة، و لو ماتوا متفرّقين لتدافنوا، فقال الحواريّون يا روح الله و كلمته! ادع الله أن يحييهم لنا، فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها. فدعى عيسى (عليه السلام) ربّه، فنودي من الجوّ: أن نادهم. فقام عيسى بالليل على شرف من الأرض فقال: يا أهل هذه القرية! فأجابه منهم مجيب لبّيك يا روح الله و كلمته! فقال: و يحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطّاغوت، و حبّ الدّنيا مع خوف قليل، و أمل بعيد و غفلة في لهو و لعب. فقال: كيف كان حبّكم للدّنيا؟ قال: كحبّ الصّبيّ لأمّه إذا أقبلت علينا فرحنا و سررنا، و إذا أدبرت عنّا بكينا و حزنا. قال عليه السلام: كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي. قال (عليه السلام): كيف كانت عاقبة أمركم؟ فقال: بتنا في ليلة في عافية، و أصبحنا في الهاوية. فقال: و ما الهاوية؟ قال: سجّين. قال (عليه السلام): و ما السّجّين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة. قال (عليه السلام): فما قلتم؟ و ما قيل لكم؟ قال: قلنا ردّنا إلى الدّنيا فنزهد فيها. قيل لنا: كذبتم. قال: ويحك! كيف لم يكلّمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح الله! إنّهم ملجمون بلجم من نار، بأيدي ملائكة غلاظ شداد، و أنا كنت فيهم و لم أكن منهم، فلما نزل العذاب عمّني معهم: فأنا معلق بشعرة على شفير  جهنّم، لا أدري أكبكب فيها أم أنجو منها. فالتفت عيسى (عليه السلام) إلى الحواريّين، و قال: يا أولياء الله! أكل الخبز اليابس بالملح الجريش، و النوم على المزابل، خير كثير مع عافية الدّنيا و الآخرة.
القائم عليه السلام يحيي الموتى بإذن الله تعالى، و يدلّ على ذلك روايات مستفيضة و في بعض الكتب عن الصادق (عليه السلام) أنّه إذا ظهر القائم (عليه السلام) أتاه رجل من آذربيجان و في يده عظم من العظام النّخرة، فيقول: إنّ كنت حجّة الله، فأمر هذا العظم بأن ينطق. فينطق العظم بأمره (عليه السلام)، يقول: إنّي معذّب منذ ألف عام، و أرجو من دعائك أن يخلّصني الله تعالى من العذاب. فيقول الرّجل: هذا سحر. فيصلب بأمره (عليه السلام) و يصبح مصلوبا سبعة أيّام و ينادي: هذا جزاء من نسب معجزة الإمام إلى السحر ثمّ يموت.
8- عيسى عليه السلام قال: ( أنبّئكم بما تأكلون و ما تدّخرون في بيوتكم)
القائم عليه السلام يطّلع على جميع أحوالنا و أفعالنا و الدّليل على ذلك جميع الأخبار الكثيرة الواردة في باب علم الأئمّة عليهم السلام و لكنّي أتبرّك في هذا المقام بذكر عدّة روايات: فمنها ما في الخرائج (8) عن أبي بصير قال: دخلت المسجد مع أبي جعفر (عليه السلام) و النّاس يدخلون و يخرجون. فقال (عليه السلام) لي: سل النّاس: هل يرونني، و كلّ من لقيته سألته عنه، هل رأيت أبا جعفر (عليه السلام) فيقول: لا، و هو واقف. حتّى دخل أبو هارون المكفوف فقال: سل هذا. فقلت: هل رأيت أبا جعفر (عليه السلام)؟ فقال: أليس هو قائما؟ قلت: و ما علمك؟ قال: و كيف لا أعلم، و هو نور ساطع. قال: و سمعته يقول لرجل من أهل الإفريقية: ما حال راشد؟ قال: خلّفته حيّا صالحا يقرئك السّلام. قال (عليه السلام): رحمه الله. قال: مات؟ قال: نعم. قال: متى؟ قال (عليه السلام) بعد خروجك بيومين. قال: و الله ما مرض و لا كانت به علّة، و إنّما يموت من مرض و علّة. قلت: من الرجل؟ قال (عليه السلام): رجل كان لنا مواليا و كان لنا محبّا، ثمّ قال: لئن تروا أنّه ليس لنا معكم أعين ناظرة، أو أسماع سامعة، لبئس ما رأيتم و الله ما يخفى علينا شئ من أعمالكم فاحضرونا جميعا، و عودوا أنفسكم الخير، و كونوا من أهله، تعرفوا به، فإنّي بهذا آمر ولدي و شيعتي.
و منها: ما في الخرائج (9) أيضا عن الصادق (عليه السلام)، أنّه دخل ناس عليه فقالوا: ما حدّ الإمام؟ قال (عليه السلام): حدّه عظيم، إذا دخلتم عليه فوقروه، و عظّموه، و آمنوا بما جاء به من شئ، و عليه أن يهديكم، و فيه خصلة إذا دخلتم عليه لم يقدر أحد أن يملأ عينه منه إجلالا له و هيبة، لأنّ رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان كذلك، و كذلك يكون الإمام. قالوا: فيعرف شيعته؟ قال (عليه السلام): نعم، يراهم كلّهم، قالوا: فنحن لك شيعة؟ قال (عليه السلام): نعم، كلّكم قالوا: أخبرنا بعلامة ذلك. قال: أخبركم بأسمائكم و أسماء قبائلكم؟ قالوا: أخبرنا. فأخبرهم. قالوا: صدقت. قال (عليه السلام): و أخبركم عمّا أردتم أن تسألوا عنه في قوله تعالى: (شجرة أصلها ثابت و فرعها في السماء) (10). قالوا: صدقت. قال: نحن نعطي شيعتنا ما نشاء من العلم. ثم قال (عليه السلام): يقنعكم؟ قالوا: بدون هذا نقنع.
و منها ما في كمال الدين (11) عن حسن بن وجناء النّصيبي، قال: كنت ساجدا تحت الميزاب في رابع أربع و خمسين حجّة بعد العتمة، و أنا أتضرّع في الدعاء، إذ حركني محرّك، فقال: قم يا حسن بن وجناء النّصيبي! قال: فقمت. فإذا جارية صفراء، نحيفة البدن، أقول: إنّها من أبناء أربعين فما فوقها، فمشت بين يدي، و أنا لا أسألها عن شئ، حتّى أتت بي إلى دار خديجة صلوات الله عليها و فيها بيت، بابه في وسط الحائط، و له درجة ساج يرتقى إليه، فصعدت الجارية، و جاءني النداء: اصعد يا حسن! فصعدت، فوقفت بالباب. فقال لي صاحب الزّمان (عليه السلام): يا حسن! أتراك خفيت عليّ؟ و الله ما من وقت في حجّك إلاّ و أنا معك فيه. ثمّ جعل يعد علي أوقاتي فوقعت مغشيّا على وجهي، فحسّست بيده قد وقعت عليّ، فقمت. فقال لي: يا حسن! الزم بالمدينة دار جعفر بن محمد (عليه السلام) و لا يهمّنك طعامك و لا شرابك، و لا ما يستر عورتك، ثمّ دفع إلي دفترا فيه دعاء الفرج و صلاة عليه. فقال: بهذا فادع، و هكذا صلّ علي، و لا تعطه إلا محقي أوليائي،  وإن الله جل جلاله موفقک. فقلت: مولاي! لا أراك بعدها؟ فقال (عليه السلام): يا حسن! إذا شاء الله. قال: فانصرفت من حجتي، و لزمت دار جعفر بن محمد (عليه السلام) فأنا أخرج منها فلا أعود إليها إلا لثلاث خصال لتجديد وضوء، أو لنوم، أو لوقت الإفطار فأدخل بيتي وقت الإفطار فأصيب رباعيا مملوء ماء و رغيفا على رأسه عليه ما تشتهي نفسي بالنهار فآكل ذلك فهو كفاية لي، و كسوة الشتاء في وقت الشتاء و كسوة الصيف في وقت الصيف و إنّي لأدخل الماء بالنهار، و أرش البيت، و أدع الكوز فارغا، و أوتى بالطعام، فأصدق به ليلا لئلا يعلم بي من معي.

………………………………………………………………………………………………
1 – إكمال الدين 2: 425، باب 42، ح 1.
2 – سورة القصص: 5.
3 – إكمال الدين  2: 428.
4 – إكمال الدين  2:  430،  ح 5.
5 – إكمال الدين  2: 430، ح 5.
6 – سورة النساء: 157.
7 – سورة آل عمران: 49.
8 – الخرائج والجرائح: 92، فصل في أعلام محمد بن علي الباقر (عليه السلام).
9 – الخرائج والجرائح  2: 596.
10 – سورة إبراهيم: 24.
11 – إكمال الدين 2: 443، باب 43، ح 17.