تشابه امر مولانا المهدی فی الغيبة بامر ادریس علیه السلام. فأول الغيبات غيبة إدريس النبي علیه السلام المشهورة حتى آل الأمر بشيعته إلى أن تعذر عليهم القوت و قتل الجبار من قتل منهم و أفقر و أخاف باقيتهم ثم ظهر علیه السلام فوعد شيعته بالفرج و بقيام القائم من ولده و هو نوح علیه السلام ثم رفع الله عز و جل إدريس علیه السلام إليه فلم تزل الشيعة يتوقعون قيام نوح علیه السلام قرنا بعد قرن و خلفا عن سلف صابرين من الطواغيت على العذاب المهين حتى ظهرت نبوة نوح علیه السلام.
مرقد هود و صالح مرقد هود و صالح 2 مرقد هود و صالح 1

باب شباهته بهود (عليهما السلام):
1- هود (عليه السلام) قيل اسمه عابر. بشر بظهوره نوح (عليه السلام).
روي في كمال الدين عن الصادق (عليه السلام) قال: لما حضرت نوحا الوفاة دعى الشيعة فقال لهم: اعلموا أنه سيكون من بعدي غيبة تظهر الطواغيت، وإن الله عز وجل يفرج عنكم بالقائم من ولدي اسمه هود، له سمت وسكينة ووقار، يشبهني في خلقي وخلقي، وسيهلك الله أعداءكم عند ظهوره بالريح، فلم يزالوا يرقبون هودا (عليه السلام)، وينتظرون ظهوره، حتى طال عليهم الأمد، وقست قلوب أكثرهم، فأظهر الله تعالى ذكره نبيه هودا عند اليأس منهم، وتناهى البلاء بهم، وأهلك الأعداء بالريح العقيم، التي وصفها الله تعالى ذكره.
القائم عليه السلام قد بشر بظهوره بعد غيبته بجميع تلك الخصوصيات كل واحد من آبائه الكرام عليهم الصلاة والسلام.
2- هود (عليه السلام): أهلك الله عز وجل الكافرين به بالريح العقيم، كما قال تعالى: * (فأرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم).
قال الصدوق: وَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ النَّوْفَلِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عليه السلام لَمَّا حَضَرَتْ نُوحاً عليه السلام الْوَفَاةُ دَعَا الشِّيعَةَ فَقَالَ لَهُمْ:
اعْلَمُوا أَنَّهُ سَتَكُونُ مِنْ بَعْدِي غَيْبَةٌ تَظْهَرُ فِيهَا الطَّوَاغِيتُ وَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُفَرِّجُ عَنْكُمْ بِالْقَائِمِ مِنْ وُلْدِي اسْمُهُ هُودٌ لَهُ سَمْتٌ وَ سَكِينَةٌ وَ وَقَارٌ يُشْبِهُنِي فِي خَلْقِي وَ خُلُقِي وَ سَيُهْلِكُ اللَّهُ أَعْدَاءَكُمْ عِنْدَ ظُهُورِهِ بِالرِّيحِ فَلَمْ يَزَالُوا يَتَرَقَّبُونَ هُوداً علیه السلام وَ يَنْتَظِرُونَ ظُهُورَهُ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ وَ قَسَتْ قُلُوبُ أَكْثَرِهِمْ فَأَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَبِيَّهُ هُوداً عليه السلام عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْهُمْ وَ تَنَاهِي الْبَلَاءِ بِهِمْ وَ أَهْلَكَ الْأَعْدَاءَ بِالرِّيحِ الْعَقِيمِ الَّتِي وَصَفَهَا اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَقَالَ ما تَذَرُ مِنْ شَيْ‏ءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ثُمَّ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ ظَهَرَ صَالِحٌ عليه السلام. (كمال الدين و تمام النعمة، (من کتب القرن الرابع) ‏1: 135 – 136، ح 4)
القائم عجل الله تعالى فرجه سيهلك الله تعالى جمعا من الكافرين به، بريح سوداء مظلمة كما في رواية مفضل وسيأتي في نداءاته في (كح) إن شاء الله تعالى.

(مکیال المکارم، محمدتقی الموسوی الاصبهانی ‏1: صص 157 – 158)