نوح نبي ورسول ورد ذكره في الكتب المقدسة لأتباع الديانات الإبراهيمية بالإضافة إلى ورود ذكر شخصية مشابهة له في أساطير بلاد الرافدين. عاش 950 سنة. الاعتقاد السائد حسب الديانات السماوية هو أن نوح كان شخصية تاريخية حقيقية وكان الحفيد التاسع أو العاشر لآدم وإنه كان الأب الثاني للبشرية بعد نجاته ومن معه من الطوفان العظيم الذي أباد البشرية جميعا باستثناء الذين نجوا من الطوفان لاستعمالهم سفينة عملاقة اشتهرت باسم سفينة نوح.

جاء ذكر نوح في العديد من الآيات القرآنية في سورة آل عمران وسورة النساء وسورة المائدة وسورة الأنعام وسورة هود وكذلك سورة نوح المسماة باسمه وغيرها. وحسب الدين الإسلامي فان الله أرسل نوحا إلى قوم يعبدون الأوثان ليدعوهم إلى عبادته وحده وترك عبادة غيره، لكن نوحا لم يلق آذانا صاغية واستمر الأكثرية على عبادة الأوثان ونصبوا له العداوة ولمن آمن به وتوعدوهم بالرجم.
واستنادا إلى القرآن فإن نوحا لبث في قومه يدعوهم إلى عبادة الله ألف سنة إلا خمسين عامًا (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ) وأن الله أمره ببناء سفينة، والتي لم تعرف البشرية مثلها، فقيل في طولها انها بلغت ثمانين ذراعا وقيل ألفا وقيل الفي ذراع وقيل غير ذلك، وكان خشبها من شجر الساج أو الصنور على اختلاف بين المصادر وكان نوح يزرع الشجر وينتظر نموه مئة سنة وينشره مئة أخرى أو أربعين سنة، وقد أمر أن يطلى باطنها وظاهرها بالقار، وجعل منها ثلاثة طوابق، جعل الأرض منها للحيوانات والوحوش، وثانيها لبني الإنسان وأعلاها للطيور، واكن لها سقف مطبق عليها.
وأوحي لنوح بأن علامة بدإ الطوفان هو مجئ أمر الله بفوران التنور، وقيل بالتنور بأنه حدوث بركان في المنطقة، وفي تفسير آخر فوران تنور نوح وهو التنور الذي ورثه من حواء، أو فوران الماء على سطح الأرض، وقيل طلوع نور الفجر وقيل غير ذلك… يحمل في متن السفينة من كل دواب الأرض زوجين وأهله ومن آمن معه وكان عددهم قليلا. لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد، وكان أحد أبنائه يخفي عصيانه ويبدي الإيمان أمام نوح، فلم يصعد هو الآخر وكذلك كانت أغلبية لم يؤمنوا به فلم يركبوا معه. وصعد المؤمنون. قال ابن عباس: “آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا”.
فبدأ بتحميل حوالي ثمانين رجلا معهم نساؤهم في السفينة، وانفجرت الأرض عيونا وهطلت السماء وارتفع الماء حاملا السفينة وهي تجري بهم في موج كالجبال مئة وخمسين يوما وهلك الباقون ولم يبق الله على الأرض من الكافرين ديارا، فأرسل نوح الحمامة فمرغت رجليها في الطين وحملت إليه غصن زيتون، فلما رأى ذلك علم أن الماء قد انحسر، وهذا ما ذكره ابن عباس.
حسب التوراة فإن من أبناء نوح الأربعة انبثقت البشرية بعد الطوفان وكان أبناء نوح:
سام أكبر الأبناء وكان عمره 98 عاما عند حدوث الطوفان وعاش 500 سنة أخرى بعد الطوفان وكان له خمسة أبناء وهم: عيلام وآشور وآرام وأرباجشاد ولود ويعتقد أن لأشوريين والعبريين والعرب والآراميين قد إنبثقوا من سلالة سام.
يافث ويعتقد أنه كان أصغر أبناء نوح ويعتقد أنه من سلالته انبثقت شعوب أوروبا. كان ليافث حسب التوراة سبعة أبناء وهم: جومر وماجوج وتيراس وجافان وميشيخ وتوبال وماداي. ويعتقد أن الفرس واليونانيين والميديين والأكراد والأيرلنديين والهنغاريين والسلوفاكيين والأيطاليين والألمان قد إنبثقوا من هذه السلالة.
حام ويعتقد أنه والد الشعوب الأفريقية ومنهم المصريون القدماء والأمازيغ ويعتقد بعض اليهود استنادا إلى التوراة أن حام قد شاهد والده عاريا ذات يوم وقام بإخبار أخويه بذلك وعندما علم نوح بهذا فإنه طلب من الخالق أن لا يبارك سلالة حام ويعتقد بعض المحللين أن هذه قصة أختلقت فيما بعد عند اجتياح بني إسرائيل لأراضي الكنعانيين الذين كانوا يستوطنون منطقة فلسطين الحالية لكي يبدوا الأمر وكأنه تحقيق لنبوة.
يام أو كنعان – غرق في الطوفان لكفره بحسب الرواية الإسلامية.
وحسب التوراة فإن الخالق قرر أن يمسح بني البشر من الوجود باستثناء الصالحين بسبب كثرة المعاصي والذنوب التي كانت ترتكب فنزلت الأمطار لمدة 40 يوما وليلة وغطت المياه الأرض لمدة 150 يوما واستقرت السفينة على الجودي.
أجمع المسلمون أن الطوفان عم جميع البلاد،
وإن الروايات في الإسلام على قولين:
1- قوم قالوا أن كل الناس اليوم من ذرية النبي نوح. فعن قتادة قوله: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾ [37:77]، قال: فالناس كلهم من ذرية نوح. وعن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾ [37:77]. يقول: لم يبق إلا ذرية نوح.
2- وقال قوم: كان لغير ولد نوح أيضا نسل؛ بدليل قوله: ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ [17:3] وقوله:﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [11:48] فعلى هذا معنى الآية: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾ [37:77] دون ذرية من كفر أنا أغرقنا أولئك، ومعنى الآية ” وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ “.
كان التيار المقتنع بحرفية ما ورد في الكتب السماوية عن سفينة نوح مولعا من القدم بالبحث عن السفينة وهذا الولع كان واضحا لدى بعض البروتستانت المسيحيين منذ أواخر القرن التاسع عشر الذين كانوا أكثر شغفا في إثبات حرفية القصة المذكورة في التوراة. فزعم بعضهم العثور عليها في تركيا أو أرمينيا. كما ادعى باحثون إسلاميون تحديد موقعها في العراق أو اليمن.
و بروایات أهل البیت دفن نوح فی النجف الاشرف و دفن أمیرالؤمنین فوقه.
تشابه الامر الامام المهدی علیه السلام فی الغیبة بنی الله نوح علیه السلام و أول الغيبات غيبة إدريس النبي علیه لسلام المشهورة حتى آل الأمر بشيعته إلى أن تعذر عليهم القوت و قتل الجبار من قتل منهم و أفقر و أخاف باقيتهم ثم ظهر علیه السلام فوعد شيعته بالفرج و بقيام القائم من ولده و هو نوح علیه السلام ثم رفع الله عز و جل إدريس علیه السلام إليه فلم تزل الشيعة يتوقعون قيام نوح علیه السلام قرنا بعد قرن و خلفا عن سلف صابرين من الطواغيت على العذاب المهين حتى ظهرت نبوة نوح علیه السلام.

شباهته بنوح (عليهما السلام):
1- نوح شيخ الأنبياء. فعن الصادق والهادي (عليهما السلام) أنه عاش خمسمائة وألفي عام.
2- القائم (عليه السلام) شيخ الأوصياء فإنه ولد كما في الكافي للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين فعمره الشريف إلى الآن، وهذا يوم الأحد عاشر ذي قعدة الحرام من سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة، يكون ألفا وإحدى وثمانين سنة وخمسا وثمانين يوما.
وعن سيد العابدين عليه السلام: إن في القائم سنة من آدم ومن نوح وهي طول العمر، الخ.
3- نوح: طهر الأرض من الكافرين بكلامه. فقال: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا).
القائم: يطهر الأرض من الكافرين بحسامه، حتى لا يبقي منهم آثارا.
4- نوح: صبر ألف سنة إلا خمسين عاما. قال الله: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون).
القائم: صبر منذ أول إمامته إلى الآن ولا أدري إلى متى يصبر مولانا صاحب الزمان.
5- نوح: من تخلف عنه غرق.
القائم: من تخلف عنه هلك كما في الحديث.
6- نوح: أخر الله فرجه وفرج أصحابه، حتى رجع عنه أكثر القائلين به.
القائم: يؤخر الله تعالى فرجه وفرج أوليائه حتى يرجع عنه أكثر القائلين به كما عن العسكري (عليه السلام).
7- نوح: بشر بظهوره إدريس النبي.
القائم: بشر الله تعالى بظهوره الملائكة، وبشر به النبي والأئمة (عليهم السلام)، بل بشر به الأنبياء السابقون.
8- نوح: كان يبلغ صوته شرق الأرض وغربها حين ندائه وصيحته، وكان هذا أحد معجزاته، كما في زبدة التصانيف.
القائم (عليه السلام) يقف بين الركن والمقام حين ظهوره، فيصرخ صرخة فيقول: يا معاشر نقبائي، وأهل خاصتي، ومن ذخرهم الله لنصرتي، قبل ظهوري على وجه الأرض، ائتوني طائعين فترد صيحته (عليه السلام) عليهم، وهم في محاريبهم، وعلى فرشهم، في شرق الأرض وغربها، فيسمعونه في صيحة واحدة، في أذن كل رجل، فيجيبون نحوها، فلا يمضي لهم إلا كلمحة بصر حتى يكون كلهم بين الركن والمقام كما في حديث المفضل عن الصادق (عليه السلام).
(مکیال المکارم؛ محمدتقی الموسوي الافبهاني؛ ج 1: 152 – 154)