ومن الأوقات التي يتأكد فيها الدعاء بتعجيل فرج مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه بعد خصوص صلاة الظهر
– ويدل على ذلك ويشهد له ما روي في البحار والمستدرك وجمال الصالحين عن الصادق (عليه السلام): إن من قال بعد صلاة الصبح والظهر: اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم، لم يمت حتى يدرك القائم (عليه السلام).
ويدل على ذلك أيضا ما روي في صلاة البحار نقلا عن كتاب فلاح السائل للسيد الأجل علي بن طاووس (رضي الله عنه) قال السيد (رضي الله عنه) من المهمات عقيب صلاة الظهر الاقتداء بالصادق (عليه السلام) في الدعاء للمهدي الذي بشر به محمد رسول الله أمته، في صحيح الروايات ووعدهم أنه يظهر في أواخر الأوقات.
– كما رواه أبو محمد هارون الدنبلي عن أبي علي محمد بن الحسن بن محمد بن جمهور العمي، عن أبيه محمد بن جمهور عن أحمد بن الحسين السكري، عن عباد بن محمد المدايني، قال: دخلت على أبي عبد الله بالمدينة حين فرغ من مكتوبة الظهر وقد رفع يديه إلى السماء وهو يقول: أي سامع كل صوت، أي جامع كل فوت، أي بارئ كل نفس بعد الموت، أي باعث، أي وارث، أي سيد السادات أي إله الآلهة، أي جبار الجبابرة، أي مالك الدنيا والآخرة، أي ربّ الأرباب، أي ملك الملوك أي بطّاش، أي ذا البطش الشديد، أي فعّالا لما يريد، أي محصي عدد الأنفاس ونقل الأقدام، أي من السر عنده علانية، أي مبدئ، أي معيد: أسألك بحقك على خيرتك من خلقك، وبحقهم الذي أوجبت لهم على نفسك أن تصلي على محمد وأهل بيته، وأن تمن علي الساعة بفكاك رقبتي من النار، وأنجز (لوليك وابن نبيك، الداعي إليك بإذنك، وأمينك في خلقك، وعينك في عبادك وحجتك على خلقك عليه صلواتك وبركاتك) وعده. اللهم أيده بنصرك، وانصر عبدك، وقو أصحابه وصبرهم، وافتح لهم من لدنك سلطانا نصيرا، وعجل فرجه، وأمكنه من أعدائك، وأعداء رسولك، يا أرحم الراحمين. قال: أليس قد دعوت لنفسك جعلت فداك ؟ قال: دعوت لنور آل محمد، وسابقهم، والمنتقم بأمر الله من أعدائهم. قلت: متى يكون خروجه جعلني الله فداك ؟ قال (عليه السلام) إذا شاء من له الخلق والأمر. قلت: فله علامة قبل ذلك ؟ قال (عليه السلام) نعم علامات شتى قلت: مثل ماذا قال: خروج راية من المشرق، وراية من المغرب، وفتنة تضل أهل الزوراء، وخروج رجل من ولد عمي زيد باليمن، وانتهاب ستارة البيت ويفعل الله ما يشاء انتهى.
قال العلامة المجلسي (رضي الله عنه) في البحار ومصباح الشيخ والبلد الأمين، وجنة الأمان، والاختيار: مما يختص عقيب الظهر: يا سامع كل صوت، إلى آخر الدعاء وفي الجميع، (يا) مكان (أي) في المواضع كلها. انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
أقول: سند الحديث وإن كان ضعيفا بحسب الاصطلاح لكن لا بأس به بمقتضى قاعدة التسامح، المقررة المثبتة في أصول الفقه، ولذلك عول عليه مشايخ علمائنا الذين عرفت أسماءهم الشريفة، رحمهم الله تعالى. وكيف كان، فيستفاد منه ومن الدعاء المذكور أمور:
الأول: استحباب الدعاء في حق الحجة (عليه السلام)، ومسألة تعجيل فرجه بعد صلاة الظهر.
الثاني: استحباب رفع اليدين حال الدعاء له (عليه السلام).
الثالث: استحباب الاستشفاع بهم، والمسألة بحقهم، قبل طلب الحاجة.
الرابع: استحباب تقديم التحميد والثناء على الله عز وجل.
الخامس: استحباب تقديم الصلاة على محمد وآله (عليهم السلام) على طلب الحاجة.
السادس: تطهير النفس من الذنوب بالاستغفار ونحوه ليكون نقيا مستعدا للإجابة يدل على ذلك طلبه المغفرة وفكاك الرقبة من النار. وأما توجيه طلبهم (عليهم السلام) ذلك، مع أنهم مطهرون معصومون إجماعا، وعقلا ونقلا، فقد قيل فيه وجوه ليس هنا محل ذكرها.
السابع: إن المراد بالولي المطلق في ألسنتهم ودعواتهم هو مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) وقد مر في الباب الخامس ما يدل عليه، ويأتي ما يدل عليه أيضا.
الثامن: استحباب الدعاء في حق أصحابه وأنصاره.
التاسع: كون الإمام شاهدا على أعمال العباد، مبصرا لهم، ولأفعالهم في كل حال، يدل عليه قوله وعينك في عبادك.
العاشر: إن من ألقاب مولانا الحجة (عليه السلام) نور آل محمد، وقد ورد في الروايات ما يشهد لذلك، وقد ذكر المحقق النوري (رضي الله عنه) بعضها في كتابه المسمى بالنجم الثاقب.
الحادي عشر: كونه أفضل من سائر الأئمة (عليهم السلام) بعد أمير المؤمنين والحسنين صلوات الله عليهم أجمعين ويؤيده بعض الروايات أيضا.
الثاني عشر: إن الله عز اسمه قد ادخره وأخره للانتقام من أعدائه وأعداء رسوله والروايات بذلك متواترة.
الثالث عشر: إن زمان ظهوره من الأمور الخفية التي اقتضت المصلحة الإلهية إخفاءها، وقد تواترت الروايات في ذلك أيضا.
الرابع عشر: إن تلك العلامات المذكورة ليست من العلائم المحتومة، لقوله (عليه السلام) في آخر الكلام ويفعل الله ما يشاء.

(مکیال المکارم ؛ ج 2 ؛ محمد تقی الموسوی الاصبهانی)