أن الدعاء بتعجيل فرج مولانا الغائب عن الأبصار أسوة بالنبي المختار والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم ما أظلم الليل وأضاء النهار. نكتفي هنا بذكر حديث واحد لأهل الاعتبار.

– روى الشيخ النعماني في كتاب الغيبة بإسناده عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كان ليلة الجمعة، أهبط الرب تعالى ملكا إلى سماء الدنيا فإذا طلع الفجر، جلس ذلك الملك على العرش، فوق البيت المعمور، ونصب لمحمد وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) منابر من نور، فيصعدون عليها وتجمع لهم الملائكة، والنبيون والمؤمنون، وتفتح أبواب السماء، فإذا زالت الشمس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رب! ميعادك الذي وعدت في كتابك، وهو هذه الآية *(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا)* ويقول الملائكة والنبيون مثل ذلك، ثمّ يخرّ محمّد وعلي والحسن والحسين سجدا، ثم يقولون: يا رب اغضب! فإنه قد هتك حريمك، وقتل أصفياؤك، وأذل عبادك الصالحون فيفعل الله ما يشاء وذلك يوم معلوم.
وههنا إشكال، ربما يسبق إلى بعض الأوهام وهو أنه لا ريب في أن شروط الإجابة موجودة في دعاء النبي والأئمة والملائكة والأنبياء العظام، فإذا كانوا في كل جمعة داعين بتعجيل ظهور المنتقم من أعدائهم، فما السبب في تأخير ذلك! وأي فائدة لدعائهم!
والجواب عنه من وجوه:
الأول: من أنه لا يستبعد أن يكون لظهوره صلوات الله عليه وقتان عند الله عز وجل أحدهما أقرب من الآخر، ويكون وقوعه في الوقت الأقرب موقوفا على اهتمامهم في الدعاء له فترك الدعاء يوجب التأخير عنه كما أن الاهتمام في ذلك يوجب وقوعه فيه.
الثاني: أن يقال: إن الله عزّ وجلّ قد استجاب دعاءهم لكن لا ريب في أن وقوع ذلك موقوف بحسب الحكم الإلهية على تحقق أمور وانتفاء أمور أخرى وهذه الأمور تجري وتتحقق تدريجا فتأخير الظهور إلى زماننا هذا وما بعده لا يدل على عدم استجابة الدعاء.
الثالث: أنه يمكن أن يقدر بسبب دعائهم (عليهم السلام) وقوع الفرج في زمان قريب، ثم يمنع مانع بسبب أعمال العباد يوجب تأخيره وهذا معنى كونه من الأمور البدائية، ونظيره في الأحاديث غير عزيز لا يخفى على المتتبع.
– مثل ما ورد أن العبد يدعو فيقدر استجابة دعائه في وقت، ثم يعصي فيقول تعالى (للملائكة ما معناه): أخروا قضاء حاجته، لأنه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني.
– وفي عدة من الكتب كالنعماني والطوسي والبحار بأسانيدهم عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن عليا (عليه السلام) كان يقول إلى السبعين بلاء وكان يقول بعد البلاء رخاء وقد مضت السبعون ولم نر رخاء! فقال أبو جعفر (عليه السلام): يا ثابت! إن الله تعالى كان وقت هذا الأمر في السبعين فلما قتل الحسين اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين ومائة سنة فحدثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم قناع الستر فأخره الله ولم يجعل له بعد ذلك وقتا عندنا *(يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)*.

(مکیال المکارم ؛ ج 1 ؛ محمد تقی الموسوی الاصبهانی)