تشابه مولانا المهدی بابراهیم النبی بجهات عدیدة:
1- إبراهيم عليه السلام خفي حمله و ولادته.
القائم عليه السلام خفي حمله و ولادته.
2- إبراهيم عليه السلام كان (1) يشبّ في اليوم كما يشبّ غيره في الجمعة، و يشبّ في الجمعة كما يشبّ غيره في الشهر، و يشبّ في الشهر كما يشبّ غيره في السّنة كما ورد بذلك الرواية عن الصادق عليه السلام.
القائم عليه السلام كذلك. ففي خبر (2) حكيمة رضي الله عنها المفصل قالت: فلمّا كان بعد أربعين يوما دخلت دار أبي محمّد عليه السلام فإذا مولانا صاحب الزّمان عليه السلام يمشي في الدّار فلم أر وجها أحسن من وجهه، و لا لغة أفصح من لغته. فقال لي أبو محمّد عليه السلام هذا المولود الكريم على الله عزّ و جلّ. قلت له: يا سيّدي! له أربعون يوما و أنا أرى من أمره ما أرى. فقال عليه السلام: يا عمّتي! أما علمت أنا معشر الأوصياء ننشأ في اليوم ما ينشأ غيرنا في جمعة و ننشأ في الجمعة ما ينشأ غيرنا في السنة، الخبر.
3- إبراهيم: اعتزل الناس قال الله عز وجل نقلا عنه: ( و أعتزلكم و ما تدعون من دون الله) الآية.
القائم عليه السلام: اعتزل الناس و قد مرّ ما يدلّ على ذلك في حرف العين.
4- إبراهيم: وقع له غيبتان.
القائم عليه السلام: وقع له غيبتان.
5- إبراهيم: لبس قميصا جاء به جبرائيل من الجنة حين ألقي في النار.
القائم عليه السلام: يلبس هذا القميص بعينه حين يخرج. ففي كمال الدين (3) عن مفضّل عن الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول: أتدري ما كان قميص يوسف عليه السلام؟ قلت: لا. قال: إن إبراهيم عليه السلام لمّا أوقدت له النّار نزل إليه جبرئيل عليه السلام بالقميص و ألبسه إيّاه فلم يضره معه حر و لا برد فلمّا حضرته الوفاة جعله في تميمة و علقه على إسحاق و علقه إسحاق على يعقوب فلمّا ولد يوسف علقه عليه، و كان في عضده حتّى كان من أمره ما كان فلمّا أخرجه يوسف بمصر من التميمة وجد يعقوب عليه السلام ريحه جعلت فداك، فإلى من صار هذا القميص؟ قال إلى أهله. و هو مع قائمنا إذا خرج ثم قال: كلّ نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمّد صلى الله عليه و آله .
أقول: لا ينافي هذا الحديث ما رواه الفاضل العلامة المجلسي رحمه الله في البحار (4) عن النعماني (5) بإسناده عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: ألا أريك قميص القائم الّذي يقوم عليه؟ فقلت: بلى. فدعا بقمطر ففتحه، و أخرج منه قميص كرابيس، فنشره. فإذا هو في كمه الأيسر دم، فقال هذا قميص رسول الله صلى الله عليه و آله الّذي [كان] (6) عليه يوم ضربت رباعيته و فيه يقوم القائم، فقلبت الدّم و وضعته على وجهي، ثمّ طواه أبو  عبد الله عليه السلام لأنّه يحتمل أن يلبس كل واحد منهما في بعض الأحيان و يحتمل أيضا أن يكون قميص إبراهيم معه على عضده أو غيره. إذ لا صراحة في الحديث الأوّل ، على كونه عليه السلام لابسا له و الله العالم.
6- إبراهيم: بنى البيت، و وضع الحجر الأسود مكانه، قال الله عزّ و جلّ (7) (و إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت و إسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم). و في البرهان (8) و غيره عن عقبة بن بشير، عن أحدهما، أي الباقر و الصادق عليهما السلام، قال عليه السلام: إن الله عزّ و جلّ أمر إبراهيم و إسماعيل البيت كلّ يوم ساقا، حتّى انتهى إلى موضع الحجر الأسود، و قال أبو جعفر عليه السلام: فنادى أبو قبيس: إن لك عندي وديعة فأعطاه الحجر، فوضعه موضعه.
القائم عليه السلام له مثل ذلك. ففي البحار (9) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قام القائم هدم المسجد الحرام حتّى يرده إلى أساسه، و حول المقام إلى الموضع الّذي كان فيه. الخبر . و في الخرائج (10) عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: لما وصلت بغداد في سنة سبع و ثلاثين و ثلاثمائة للحج و هي السنة الّتي ردّ القرامطة فيها الحجر في مكانه إلى البيت كان أكبر همي الظفر بمن ينصب الحجر، لأنه مضى في أثناء الكتب قصة أخذه و أنّه لا يضعه في مكانه إلا الحجّة في الزّمان كما في زمان الحجّاج وضعه زين العابدين عليه السلام مكانه فاستقر. فاعتللت علة صعبة خفت منها على نفسي، و لم يتهيأ لي ما قصدت له، فعرفت أن ابن هشام يمضي إلى الحرم فكتبت رقعة و أعطيته إيّاها مختومة، أسأل فيها عن مدّة عمري، و هل تكون الموتة في هذه العلة أم لا؟ و قلت له: همي في إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه و أخذ جوابه و إنّما أندبك لهذا. قال : فقال المعروف بابن هشام: لمّا حصلت بمكّة، و عزم على إعادة الحجر بذلّت لسدنة البيت جملة، تمكنت معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه و أقمت معي منهم من يمنع عني ازدحام النّاس، فكلّما عمد إنسان لوضعه اضطرب و لم يستقم فأقبل غلام أسمر اللون حسن الوجه فتناوله فوضعه في مكانه فاستقام كأنّه لم يزل عنه و علت لذلك الأصوات، فانصرف خارجا من الباب فنهضت من مكاني أتّبعه، و أدفع النّاس عنّي يمينا و شمالا حتّى ظنّ بي الاختلاط، والناس يفرجون له و عيني لا تفارقه حتّى انقطع عن النّاس، فكنت أسرع المشي خلفه و هو يمشي على تؤدة و لا أدركه. فلمّا حصل بحيث لا يراه أحد غيري وقف، و التفت إلي فقال عليه السلام: هات ما معك. فناولته الرقعة. فقال: من غير أن ينظر إليها: قل له: لا خوف عليك في هذه العلة، و يكون ما لابدّ منه بعد ثلاثين سنة. قال : فوقع علي الدمع حتّى لم أطق حراكا ، و تركني و انصرف. قال أبو القاسم فحضر فأعلمني بهذه الجملة. قال: فلمّا كان سنة ثلاثين اعتل أبو القاسم، فأخذ ينظر في أمره بتحصيل جهاز قبره، و كتب وصيته، فاستعمل الجدّ في ذلك، فقيل له: ما هذا الخوف، و نرجو أن يتفضل الله بالسّلامة؟ فما عليك ممّا تخافه. فقال: هذه السنة الّتي خوفت فيها فمات في علته و مضى ( رحمه الله).
7- إبراهيم: أنجاه الله تعالى من النّار، قال عزّ و جلّ في كتابه الكريم: (قلنا يا نار كوني بردا و سلاما على إبراهيم) (11).
القائم: يظهر مثل ذلك بكرامته. ففي بعض الكتب عن محمّد بن زيد الكوفي عن الصادق عليه السلام قال: يأتي إلى القائم (عليه السلام) حين يظهر رجل من أصفهان و يطلب منه معجزة إبراهيم خليل الرحمن فيأمر (عليه السلام) أن توقد نار عظيمة و يقرأ قوله تعالى: (فسبحان الّذي بيده ملكوت كل شئ و إليه ترجعون) ثمّ يدخل في النّار ثمّ يخرج منها سالما فينكر الرجل لعنة الله تعالى عليه و يقول: هذا سحر. فيأمر القائم (عليه السلام) النّار فتأخذه و تحرقه فيحترق، و يقول: هذا جزاء من أنكر صاحب الزّمان و حجّة الرحمان صلوات الله و سلامه عليه.
8- إبراهيم: دعى الناس إلى الله لقوله تعالى (و أذن في الناس بالحج) (12). و في البرهان (13) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن إبراهيم أذّن في الناس بالحجّ، فقال: أيها الناس إنّي إبراهيم خليل الله إن الله أمركم أن تحجّوا هذا البيت فحجوه فأجابه من يحجّ إلى يوم القيامة.
القائم عليه السلام: يدعو الناس إلى الله.

(مكيال المكارم، ميرزا محمّد تقي الأصفهاني 1: 161 – 164)

…………………………………………………….
1 – بحار الأنوار 12: 19.
2 – بحار الأنوار 51: 20.
3 – إكمال الدين 1: 142، باب 5، ذيل 10.
4 – بحار الأنوار 52: 355، باب 27، ذيل 118.
5 – غيبة النعماني: 128.
6 – زيادة يقتضيها السياق.
7 – سورة البقرة: 127.
8 – تفسير البرهان 1: 153، ذيل 1 .
9 – بحار الأنوار 52: 338، باب 17، ذيل 80.
10 – كامل الزيارات: 18، الخرائج و الجرائح 1: 476.
11 – سورة الأنبياء: 69.
12 – سورة الحج: 27.
13 – و الأصل في الكافي 4:  205، ح 4، تفسير البرهان 1: 153.