مما يحصل بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) وظهوره، الفوز بثواب طلب ثأر مولانا الحسين الإمام المظلوم الغريب الشهيد (عليه السلام). وهذا أمر لا يقدر على إحصاء ثوابه أحد إلا الله العزيز الحميد جلّ شأنه، لأنّ عظمة شأن الثأر بقدر عظمة صاحبه، فكما لا يقدر أحد على الإحاطة بالشؤون الحسينيّة إلا الله عزّ وجلّ، كذلك لا يقدر غيره على إحصاء ثواب طلب ثأره، فإنه الذي ورد في زيارته: السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره. ولو لم يكن في الدعاء بتعجيل ظهور مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه سوى هذا الثواب، لكفى فضلا وشرفا وشأنا فكيف وفيه من الفضل ما لا يحصى، ومن الثواب ما لا يستقصى! وأما حصول الفوز بثواب طلب ثأر مولانا الشهيد (عليه السلام) بهذا الدعاء.

فتقريره أن طلب ثأره (عليه السلام) وظيفة كل مؤمن ومؤمنة، لأنه والدهم الحقيقي، بمقتضى من كون الإمام (عليه السلام) والدا حقيقيا.
ويؤيده تفسير الوالدين في قوله تعالى: * (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا) * بالحسنين (عليهما السلام) كما في تفسير القمي وغيره، ولذا يصح أن ينسب المؤمن ثأره (عليه السلام) إلى نفسه ويجعل كل أحد من المؤمنين نفسه ولي دمه (عليه السلام)، كما في زيارة عاشوراء: وأن يرزقني طلب ثاري مع إمام مهدي ظاهر ناطق منكم ” (الخ).
ووجه آخر مضافا إلى هذا الوجه أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر أمته بأمر الله عز وجل بالمودة في القربى، وأخبار عديدة دالة على كون المراد بالقربى الأئمة (عليهم السلام)، ولو حملنا القربى على مطلق الأقارب، أو الذرية نظرا إلى ظاهر اللفظ، فلا ريب أن الأئمة (عليهم السلام) أفضل أفرادهم، وأكمل مصاديقهم، ولا ريب أيضا في أن طلب ثارهم وحقوقهم من أظهر مصاديق المودة، وأجل أقسام إظهار المحبة.
إذا تقرر ما ذكرنا، فنقول: إن لطلب الثأر مراتب عديدة ودرجات أربعة:
الأولى: أن يكون ولي الدم ذا قوة واستيلاء واستعلاء، وسلطنة فيأمر بعض عبيده بقتل قاتل المظلوم.
والثانية: أن يقتل هو قاتل المظلوم، وبهذين القسمين يطلب الله عز وجل ثأر مولانا الشهيد المظلوم فإنه تعالى ولي دمه في الحقيقة ولذا ورد في زيارات عديدة: السلام عليك يا ثار الله ” (الخ).
أما الأول: فلأنه عزّ وجلّ أمر مولانا القائم (عليه السلام) بطلب ثأر الحسين (عليه السلام) كما في روايات عديدة.
– وفي كامل الزيارات لابن قولويه بإسناده عن الصادق (عليه السلام)، في قوله تعالى: * (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل) * قال: ذلك قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) يخرج فيقتل بدم الحسين بن علي (عليه السلام)، فلو قتل أهل الأرض لم يكن سرفا. وقوله تعالى: * (فلا يسرف في القتل) * لم يكن له ليصنع شيئا يكون سرفا ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) يقتل والله ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال آبائها.
– وفي نور الأنوار للفاضل البروجردي، ما لفظه: ودر خبري وارد است كه چون مردم آن حضرت را به بي رحمى وقتل نفس متهم سازند آن جناب به منبر بالا رود و يك تاي نعلين حضرت گلگون قباى دشت نينوا و يكه تاز عرصه كربلاء سيد الشهدا. عليه آلاف التحية والثناء، و روحي له الفداء بيرون آورد، و فرمايد اگر همه دشمنان را بكشم مقابل خون أين بند نعلين نخواهد بود.
– ودر خبر ديگر است كه مي فرمايد: اگر همه أهل عالم را بكشم در عوض أين بند نعلين نميشود. إنتهى.
وأما الثاني فلقوله تعالى: * (الله يتوفى الأنفس حين موتها) * فلا يزهق روح أحد إلا بإذن الله تعالى، وكما يطلب القادر المنتقم جل شأنه ثأره بهذين القسمين يطلب القائم المنتظر ثأره أي ثأر جده الحسين بهذين القسمين أيضا.
باعتبار آخر فإنه يقتل قتلة أجداده (عليهم السلام)، والراضين بفعلهم ويأمر شيعته وأنصاره بقتلهم أيضا.
الثالثة: أن يكون الطالب بالثار ضعيفا لا يقدر على ذلك إلا بالتظلم والاستعداء إلى سلطان مقتدر يأخذ بحقه من ظالمه فهذا أيضا نوع من طلب الثأر، كما هو واضح عند أولي الأبصار.
والرابعة: أن يكون بسبب ضعفه غير قادر على أخذ الثأر، إلا بالاستعانة إلى غيره من ذوي الاقتدار فيتعاونان على ذلك، وبعبارة أخرى: إن الإعانة في تهيؤ أسباب أخذ الثأر قسم من أقسام الطلب والانتصار، وحيث إنا لا نقدر في زماننا هذا على طلب ثأر مولانا الحسين إلا بهذين القسمين، فاللازم علينا بمقتضى وظيفتنا الثابتة المبادرة إلى المطالبة بهذين النحوين وهما يحصلان بمسألة تعجيل ظهور مولانا صاحب الزمان، من القادر المنان، والتظلم والتضرع إليه في هذا الشأن فإنه أقدر من كل سلطان والمنتقم من أهل البغي والعدوان، لأنا علمنا بالمتواتر من الأخبار أن القادر الجبار ادخر مولانا الغائب عن الأبصار لطلب هذا الثار، فاللازم علينا في آناء الليل والنهار التظلم والتضرع إلى الله عز وجل في تعجيل ظهوره (عليه السلام) لأخذ الثار والانتقام من الجبابرة الكفار إذ ليس لنا سبيل في زمان غيبته عليه السلام إلى غير هذا القسم من طلب الثار فيدخل الدعاء لذلك في القسم الثالث من أقسام الطلب، والانتصار بهذا الاعتبار.
وأما دخوله في القسم أن اهتمام أهل الإيمان في الدعاء بتعجيل ظهور صاحب الزمان يكون من أسباب استباق فرجه وظهوره، فالدعاء لذلك إعانة له (عليه السلام) في المبادرة إلى الانتصار وأخذ ثار الأئمة الأطهار من القتلة اللئام الفجار.
– ويرشد إلى ما ذكرنا أيضا ما ورد في التوقيع الشريف إلى الشيخ المفيد حيث قال: ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب، في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ومما يؤيد ما ذكرناه أيضا: رؤيا وقعت لبعض الصالحات، المعتمدات من أقاربنا في هذه الأوقات التي اتفقت فيها المحن والبليات باستيلاء الكفار على بلاد الإسلام وغلب الهم والغم على الخاص والعام.
ومحصل ما وقع لتلك المؤمنة الصالحة في المنام مما يتعلق بهذا المقام أنها سمعت قائلا يقول ما معناه: لو كان المؤمن مواظبا في أعقاب صلواته في الدعاء بتعجيل ظهور مولاه كما يواظب في الدعاء لنفسه إذا كان مريضا أو مديونا أو نحو ذلك، بحيث يكون مفارقته (عليه السلام) سببا لهمه، وانكسار قلبه، واضطرار حاله، وتوزع باله، لكان دعاؤه بتلك الحالة موجبا لأحد أمرين:
إما بدار مولاه إلى الظهور وإما تبدل حزنه بالسرور بارتفاع المحن والنجاة من البلايا والفتن. هذا ويمكن أن يقرر اندراج الدعاء بتعجيل ظهور مولانا صاحب الزمان في أنحاء طلب ثأر مولانا الغريب المظلوم أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) بوجه آخر وهو أن يقال: إذا علم المؤمن أن من آثار هذا الدعاء الرجوع إلى الدنيا في زمان ظهوره (عليه السلام) فدعى لاستباق ذلك ليطلب بنفسه ثأر مولانا الشهيد المظلوم من قتلته، وأولادهم الراضين بفعال آبائهم، اندرج في طالبي الثأر بهذا الوجه والاعتبار.
فإما أن يطول عمره حتى يدرك ذلك الزمان.
وإما أن يرجع بعد موته إلى الدنيا فينتقم من الأعداء وهذا من آثار ذاك الدعاء وهذا التقرير ذكره أخي وصديقي الروحاني المؤيد بالتأييد السبحاني، أثبته ليكون له لسان صدق في الآخرين. تتميم قد تبين مما ذكرنا في هذا المقام أن الداعي بتعجيل ظهور مولانا (عليه السلام) يدرك بذلك ثواب طلب ثأر سائر الأئمة الكرام وأتباعهم والشهداء معهم، ولمحبتهم إلى يوم القيامة لأنه (عليه السلام) يأخذ بثارهم، وينتقم من أعدائهم.

(مکیال المکارم ؛ ج 1 ؛ محمد تقی الموسوی الاصبهانی)