لم تكن غيبة صاحب زماننا (عجل الله فرجه) بدعة أو شيئاً جديداً لم نسمع به من قبل حتى يكون غريباً علينا وتمجه الأسماع ولا تستسيغه الأفكار، وإنما كان لها شبيه في التاريخ وهو غيبة بعض الأنبياء، ولعل الأقرب بها شبها هي غيبة نبي الله وخليله إبراهيم (عليه السلام) حيث أنه غُيّب أثره (عليه السلام) وهو في بطن أمّه، حتى حوله عزّ وجلّ بقدرته من بطنها إلى ظهرها، كما تنصّ الروايات، ثمّ أخفى ولادته إلى وقت بلوغ الكتاب أجله. فصدع بأمر الله تعالى ذكره، وأظهر الله قدرته فيه، ثم غاب (عليه السلام) الغيبة الثانية، وذلك حين نفاه الطاغوت من مصر فقال: (واعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقياً).

وشبه آخر لغيبة إمامنا صاحب العصر والزّمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف بغيبة نبي الله موسى على نبينا وآله وعليه السلام، فعن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: في القائم (عليه السلام) سنّة من موسى بن عمران (عليه السلام) فقلت: وما سنته من موسى بن عمران؟ قال: خفاء مولده، وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى عن أهله وقومه؟ فقال: ثماني وعشرين سنة.
وما كان ذلك إلاّ لما أبداه حُكام الجور والطواغيت من ظلم ورقابة وضغوط، فما كان أمامهم إلا أن يختفوا عن الأنظار، حتّى يحفظوا أنفسهم من القتل والفتك، من قبل حكام الجور؛ ليسلم النظام الإنساني إلى حين الأمر الإلهي.

(نقلا عن: مرکز آل البیت العالمی للمعلومات)