كتب المتقی الهندی (المتوفی 975) فی البرهان في علامات مهدي آخر الزمان في الباب الثالث عشر:
صورة السؤال:
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ما يقول السادة أئمة الدين و هداة المسلمين – أيدهم الله بروح القدس – في طائفة اعتقدوا شخصا من بلاد الهند مات سنة عشر و تسعمائة ببلد من بلاد العجم يسمي فره (الظاهر هو السيد محمد بن سيدخان الجونفوري معرب “جوبپوري”) أنه المهدي الموعود به في آخر الزمان وأن من أنكر هذا المهدي فقى كفر ثم حكم من أنكر المهدي الموعود. أفتونا رضي الله تعالى عنكم.

و كان هذا الاستفتاء في سنة اثنين وخمسين وتسعمائة.

فأفتي الشيخ العلامة أحمد بن حجر الشافعي – فسح الله تعالى في عمره-:
الحمد لله رب العالمين و صلى الله علي سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم اللهم هداية لما اختلف فيه من الحق باذنک و توفیقا للصواب. اعتقاد هؤلاء الطائفة باطل قبیح و جهل صریح و بدعة شنیعة و ضلالة قطعیة:
أما الاول: فمخافته لصرایح الاحادیث المستفیضة المتواترة بأنه من أهل بیت النبي صلی الله علیه و سلم و أنه یملک الارض شرقها و غربها و یملاها عدلا لم یسمع بمثله و أنه یخرج مع عیسی – علیه السلام – فیساعده علی قتل الدجال بباب “لد” بأرض فلسطین قریب من بیت المقدس و أنه یؤم هذه الأمة و أن عیسی بن مریم یصلي خلفه و أنه یذبح السفیاني و أنه یخسف بجیشه الذي یرسل به الی المهدي بالبیداء بین مکة و المدینة عند ذي الحلیفة فلا ینجو منهم الا اثنان. و غیر ذلک من العلامات الکثیرة و قد أفردتها بتألیف سمیته “القول المختصر في علامات المهدي المنتظر” ذکرنا فیه نحوا من مائة علامة کي یمیز بها عن غیره جاءت عنه – علیه الصلاة و السلام – و عن أصحابه و تابعیهم جمعته من کتب الائمة المؤلفة علی سعتها و کثرة أحادیثها و طرقها و ما فیه من الآثار الکبیرة و الاعاجیب الشهیرة و کل ذلک یضلل هؤلاء الطائفة المعتقدین في ذلک المیت أنه المهدي لم یوجد فیه أدنی شبهة تحمل ذا عقل بلغته السنة علی أن یعتقدوا فیه ذلک.
وأما الثاني: فلانّه یترتّب علیه تکفیر الائمّة المصرّحین في کتبهم بما یستلزم انکار أن ذلک المیت هو المهدي، و من کفّر مؤمنا لدینه فهو کافر یضرب عنقه ان لم یتب و یجدّد اسلامه، و من کفّر الصحابة أو ضلّل الامة فهو کافر، فهؤلاء الملحدون الضالون ان صرّحوا بشيء من هؤلاء اللوازم المکفرة کانوا کفارا مرتدین من الدین. فعلی الامام – أید الله بسیف عدله معالم الدین و أباد بصادق همته انتصاره للشریعة المحمدیة طوائف الکفّار و المفسدین – أن یجري علی هؤلاء الطائفة ما ذکرناه من أحکامهم و بیّناه من قبائحم و ایلامهم و أن یشدّد علیهم أنواع العقوبة حتی یرجعوا للحق و یعترفوا بالصدق.
و أمّا الثالث و هو ملازم ما قبله فان کان لانکارهم السنة رأسا فهو کفر یقتضي علیهم بکفرهم وردتهم فیقتلون کما مر، و ان کان لا لانکارهم لها و انّما هو محض عناد لائمّة الاسلام، و جهابذة الاحکام و مصابیح الهدی و نجوم الظلام فهو مقتضي تعزیرهم البلیغ و اهانتهم بما یراه الحاکم لائقا بعظیم جریمتهم و قبح طریقتهم و فساد عقیدتهم من حبس و ضرب و صفع و غیرها مما یزجرهم عن هذه القبائح و یکفهم عن تلک الفضائح و یرجعهم الی الحق رغما علی أنوفهم و یردهم الی اعتقاد ما ورد به الشرع ردعا عن کفرهم و اکفارهم. والله سبحانه و تعالی أعلم و هو ولي الهدایة و التوفیق و الیه الضراعة في أن یمنحنا مراتب الاتباع والتصدیق ومعالم العرفان والتحقیق انّه جواد کریم رؤوف رحیم.
قال ذلک و کتبه فقیر عفو ربه و کرمه الملتجي الی بیته و حرمه أحمد بن حجر الشافعي عفا الله عنه و عن مشایخه ووالدیه حامدا و مصلیا مسلما.