نور الدين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدين الدشتي الجامي الحنفي الشاعر العارف المعروف صاحب شرح الكافية الدائر في أيدي المشتغلين.
قال محمود بن سليمان الكفوي في “أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار”: «الشيخ العارف بالله و المتوجه بالكلية إلى الله دليل الطريقة ترجمان الحقيقة المنسلخ عن الهياكل الناسوتية و المتوسل إلى السبحات اللاهوتية شمس سماء التحقيق بدر فلك التدقيق معدن عوارف المعارف مستجمع الفضائل جامع اللطائف المولى جامي نور الدين عبد الرحمن إلى آخره…»
و له من المؤلفات كتاب “شواهد النبوة” و هو كتاب جليل معروف معتمد.
قال الجلبي في “كشف الظنون”: «شواهد النبوة فارسي لمولانا نور الدين عبدالرحمن بن أحمد الجامي أوّله: الحمد لله الذي أرسل رسلاً مبشرين و منذرين إلى آخره، و هو على مقدمة و سبعة أركان و ترجمه محمود بن عثمان المتخلص بلامعي المتوفى في سنة ثمان و ثلاثين و تسعمائة ثم ترجمه أيضاً المولى عبدالحليم بن محمد الشهير بأخي زاده من صدور الروم المتوفي في سنة ثلاثة عشر و ألف و هو أحسن من ترجمة اللامعي عبارة و أداء.»
و قال العالم العلامة القاضي حسين الديار البكري في أوّل كتابه الموسوم بـ “تاريخ الخميس”: «هذه مجموعة من سيرة سيد المرسلين و شمائل خاتم النبيين صلى الله عليه و آله و سلم و أصحابه أجمعين انتخبتها من الكتب المعتبرة و هي التفسير الكبير الكشاف (إلى أن قال) و شواهد النبوة – إلى آخره…»
و في هذا الكتاب جعل الحجة بن الحسن عليهما السلام الإمام الثاني عشر و ذكر غرائب حالات ولادته و بعض معاجزه و أنّه الذي يملأ الأرض عدلاً و قسطاً و روى من حكيمة عمة أبي محمد الزكي عليه السلام ما ملخص ترجمته أنها قالت: كنت يوماً عند أبي محمد عليه السلام فقال: يا عمة بيتي الليلة عندنا فإن الله تعالى يعطينا خلفاً. فقلت: يا ولدي ممّن؟ فإني لا أرى في نرجس أثر حمل أبداً؟ فقال: يا عمة مثل نرجس مثل أم موسى لا يظهر حملها إلى في وقت الولادة. فبت الليلة عنده فلمّا انتصف اليل قمت فتهجدت و قامت نرجس و تهجدت و قلت في نفسي: قرب الفجر و لم يظهر ما قاله أبومحمد عليه السلام؟ فناداني أبو محمد عليه السلام من مقامه: لا تعجلي يا عمة! فرجعت إلى بيت كانت فيها نرجس فرأيتها و هي ترتعد فضممتها إلى صدري و قرأت عليها قل هو الله أحد و إنا أنزلناه و آية الكرسي، فسمعت صوتاً من بطنها يقرأ ما قرأت، ثم أضاء البيت فرأيت الولد على الأرض ساجداً، فأخذته فناداني أبومحمد عليه السلام من حجرته يا عمة أيتيني بولدي فأتيته به فأجلسه في حجره و وضع لسانه في فمه و قال: تكلم يا ولدي بإذن الله تعالى. فقال: بسم الله الرحمن الرحيم (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) ثم رأيت طيوراً خضراء أحاطت به، فدعا أبومحمد عليه السلام واحداً منها و قال: خذه و احفظه حتى يأذن الله تعالى فيه فإن الله بالغ أمره، فسألت أبامحمد عليه السلام: ما هذا الطير و ما هذه الطيور؟ فقال: هذا جبرئيل و هؤلاء ملائكة الرحمة. ثم قال: يا عمة! ردّيه إلى أمّه كي تقرّ عينها و لا تحزن و لتعلم أن وعد الله حق و لكن أكثرهم لا يعلمون، فرددته إلى أمه، و لما ولد كان مقطوع السرة مختوناً مكتوباً على ذراعه الأيمن: (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).
و روى غيرها أنه لما ولد جثى على ركبته و رفع سبابته إلى السماء و عطس فقال: الحمدلله رب العالمين.
و روى عن آخر قال: دخلت على أبي محمّد عليه السلام فقلت: يابن رسول الله من الخلف و الإمام بعدك؟ فدخل الدار ثم خرج و قد حمل طفلاً كأنه البدر في ليلة تمامه في سن ثلاث سنين فقال: يا فلان! لولا كرامتك على الله لما أريتك هذا الولد اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و كنيته كنيته هو الذي يملأ الأرض عدلاً و قسطاً كما ملئت جوراً و ظلماً.
و روى عن آخر قال: دخلت يوماً على أبي محمد عليه السلام و رأيت على طرفه الأيمن بيتاً أسبل عليه ستراً فقلت يا سيدي من صاحب هذا الأمر بعد هذا فقال: ارفع الستر فرفعت الستر فخرج صبي في غاية من الطهارة و النظافة على خده الأيمن خال و له ذوائب فجلس في حجر أبي محمد عليه السلام، فقال أبومحمد هذا صاحبكم ثم قام من حجره فقال أبومحمد عليه السلام: يا بني! أدخل إلى الوقت المعلوم، فدخل البيت و كنت أنظر إليه ثم قال لي أبومحمد عليه السلام: قم و انظر من في هذا البيت فدخلت البيت فلم أر فيه أحداً.
و روى عن آخر قال بعثني المعتضد مع رجلين و قال: إن الحسن بن علي عليهما السلام توفي في سر من رأى فأسرعوا في المسير و تهجموا في داره فكل من رأيتم فيها فأتوني برأسه، فذهبنا و دخلنا داره فرأينا داراً نضرة طيبة كأن البناء فرغ من عمارتها الساعة و رأينا ستراً فيها فرفعناه فرأينا سرداباً فدخلنا فيه فرأينا بحراً في أقصاه حصير مفروش على وجه الماء و رجلاً في أحسن صورة عليه و هو يصلي و لم يلتفت إلينا، فسبقني أحد الرجلين فدخل الماء فغرق و اضطرب فأخذت بيده و أخلصته فأراد الآخر أن يقدم إليه فغرق فأخلصته فتحيرت فقلت: يا صاحب البيت المعذرة إلى الله و إليك و الله ما علمت الحال و إلى أين جئنا و تبت إلى الله فيما فعلت، فلم يلتفت إلينا أبداً فرجعنا إلى المعتضد و قصصنا عليه القصة فقال اكتموا هذا السر و إلا أمرت بضرب أعناقكم – انتهى.
و هذه الكرامات ليست مما تستغرب و يتعجب منها فإنها بالنسبة إلى إقدار الله تعالى أولياءه عليها أمر هين و بالنسبة إلى الأولياء أمر غير عزيز، و كتب مشايخ الصوفية مشحونة بذكر أضعاف أمثالها و فوقها و دونها في تراجم أعيانهم و أقطابهم.
هذا الشيخ الأكبر محیي الدين قال في الفتوحات كما نقله عنه الشعراني في (مختصرها) و برهان الدين الحلبي في “إنسان العيون” قلت لابنتي زينب مرة و هي في سن الرضاعة قريباً عمرها من سنة ما تقولين في الرجل يجامع حليلته و لم ينزل فقالت: يجب عليه الغسل فتعجب الحاضرون من ذلك ثمّ إني فارقت تلك البنت و غبت عنها سنة في مكة و كنت أذنت لوالدتها في الحج فجائت مع الحج الشامي فلما خرجت لملاقاتها رأتني من فوق الجمل و هي ترضع فقالت بصوت فصيح قبل أن تراني أمها: هذا أبي و ضحكت و رمت نفسها إلي قال: و قد رأيت أي علمت من أجاب أمه بالتسميت و هو في بطنها حين عطست و سمع الحاضرون كلهم صوته من جوفها شهد عندي الثقات بذلك – انتهي.
و هذا القدر يكفي للمثال.»

(الحاج میرزا حسین النوری الطبرسی، کشف الاستار عن وجه الغائب عن الابصار: 53 – 57)