الشيخ العارف الخبير أبوالمواهب عبدالوهاب بن أحمد بن علي الشعراني فقال في كتابه المسمى ب”اليواقيت” و هو بمنزلة الشرح لمغلقات الفتوحات و هذا كتابه تلقاه العلماء بالقبول و بالغوا في مدحه و ثنائه و وجوب الاعتقاد بما فيه ففي نسخته المطبوعة بالمطبعة الأزهرية المصرية في سنة 1305:

«و من جملة ما كتبه شيخ الإسلام الفتوحي الحنبلي رضي الله عنه: لا يقدح في معاني هذا الكتاب إلا معاند مرتاب أو جاحد كذّاب كما لا يسعى في تخطئة مؤلفه إلا كل عار عن علم الكتاب حائد عن طريق الصواب و كما لا ينكر فضل مؤلفه إلا كل غبي حسود أو جاهل معاند جحود أو زائغ عن السنة مارق و لإجماع أئمتها خارق. و من جملة ما قاله شيخنا الشيخ شهاب الدين الرملي الشافعي رضي الله عنه بعد كلام طويل: و بالجملة فهو كتاب لا ينكر فضله و لا يختلف اثنان بأنه ما صنف مثله. و من جملة ما قال الشيخ شهاب الدين عميرة الشافعي رضي الله عنه بعد مدح الكتاب: و ما كنّا نظنّ أن الله تعالى يبرز في هذا الزمان مثل هذا المؤلف العظيم الشأن … و كان من جملة ما قاله الشيخ محمّد البرهمتوشي و بعد: فقد وقف العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد البرهمتوشي الحنفي على اليواقيت و الجواهر في عقائد الأكابر لسيدنا و مولانا الإمام العالم العامل المحقق المدقق الفهامة خاتمة المحققين وارث علوم الأنبياء و المرسلين شيخ الحقيقة و الشريعة معدن السلوك و الطريقة من توجّه الله تاج العرفان و رفعه على أهل هذه الأزمان مولانا الشيخ عبدالوهاب أدام الله النفع به للأنام و أبقاه الله تعالى لنفع العباد مدى الأيّام، فإذا هو كتاب جل مقداره و لمعت أسراره و سحت من سحب الفضل أمطاره و فاحت في رياض التحقيق أزهاره و لاحت في سماء التدقيق شموسه و أقماره و تناغت في غياض الإرشاد بلغات الحق أطياره فأشرقت على صفحات القلوب باليقين أنواره – إلى آخره… »
فقال في البحث الخامس و الستين من الجزء الثاني من كتاب اليواقيت: «المبحث الخامس الستون في بيان أن جميع أشراط الساعة الّتي أخبرنا بها الشارع حقّ لابدّ أن تقع كلها قبل قيام الساعة و ذلك كخروج المهدي ثمّ الدجال ثمّ نزول عيسى و خروج الدابة و طلوع الشمس من مغربها و رفع القرآن و فتح سد يأجوج و مأجوج حتى لو لم يبق من الدنيا إلا مقدار يوم واحد لوقع ذلك كله. قال الشيخ تقي الدين بن أبي منصور في عقيدته: و كل هذا الآيات تقع في المائة الأخيرة من اليوم الذي وعد به رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم أمته بقوله: إن صلحت أمتي فلها يوم وإن فسدت فلها نصف يوم يعني من أيام الرب المشار إليها بقوله تعالى: (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ). قال بعض العارفين: و أوّل ألف محسوب من وفاة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. آخر الخلفاء فإن تلك المدة كانت من جملة أيام نبوّة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و رسالته فمهّد الله تعالى بالخلفاء الأربعة البلاد و مراده صلى الله عليه و آله و سلم إنشاء الله بالألف قوّة سلطان شريعته إلى انتهاء الألف ثمّ تأخذ في ابتداء الاضمحلال إلى أن يصير الدين غريباً كما بدأ و ذلك الاضمحلال يكون بدايته من مضي ثلاثين سنة من القرن الحادي عشر فهناك يترقب خروج المهدي عليه السلام، و هو من أولاد الإمام الحسن العسكري عليه السلام، و مولده عليه السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين و هو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليه السلام فيكون عمره إلى وقتنا هذا و هو سنة ثمان و خمسين و سبعمائة، تسعمائة سنة و ست سنين. هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش المطل على بركة رطلي بمصر المحروسة عن الإمام المهدي عليه السلام حين اجتمع به، و وافقه على ذلك شيخنا سيدي علي الخواص رحمهما الله تعالى.
و عبارة الشيخ محیي الدين رضي الله عنه في الباب السادس و الستين و ثلاث مائة من الفتوحات هكذا: «و اعلموا أنه لابد من خروج المهدي عليه السلام لكن لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جوراً و ظلماً فيملأها قسطاً و عدلاً و لو لم يبق من الدّنيا إلا يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتّى يلي ذلك الخليفة، و هو من عترة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من ولد فاطمة، جده الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، و والده الحسن العسكري بن الإمام علي النقي بالنون بن الإمام محمد التقي بالتاء بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين العابدين علي بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يواطيء اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، يبايعه المسلمون ما بين الركن و المقام، يشبه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في الخلق (بفتح الخاء) و ينزل عنه في الخلق (بضمّها) إذ لا يكون أحد مثل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في أخلاقه و الله تعالى يقول: (وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
هو أجلى الجبهة أقنى الأنف أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسم المال بالسوية و يعدل في الرعية يأتيه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني و بین يديه المال يحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله، يخرج على فترة من الدين يزع الله به ما لا يزع بالقرآن، يمسي الرجل جاهلاً و جباناً و بخيلاً فيصبح عالماً شجاعاً كريماً، يمشي النصر بين يديه، يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً يقفو أثر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لا يخطئ له ملك يسدده من حيث لا يراه، يحمل الكل و يعين الضعيف و يساعد على نوائب الحق، يفعل ما يقول و يقول ما يفعل و يعلم ما يشهد.
يصلحه الله في ليلة يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألف من المسلمين من ولد إسحاق، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا، يبيد الظلم و أهله يقيم الدين و أهله و ينفخ الروح في الإسلام، يعز الله الإسلام بعد ذله و يحييه بعد موته، يضع الجزية و يدعو إلى الله بالسيف, فمن أبى قتل و من نازعه خذل.
يظهر من الدين ما هو عليه في نفسه، حتى لو كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حياً لحكم به، فلا يبقى في زمانه إلا الدين الخالص عن الرأي يخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء فينقبضون منه لذلك لظنهم أن الله تعالى لا يحدث بعد أئمتهم مجتهداً. (و أطال في ذكر وقائعه معهم و سيرته و حالاته إلى أن قال:) و أعلم انه لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم نص على أحد من الأئمة أن يقفو أثره لا يخطيء إلا الإمام المهدي خاصة، فقد شهد له بعصمته في خلافته و أحكامه كما شهد الدليل العقلي بعصمة رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فيما يبلغه عن ربه من الحكم المشروع له في عباده.