هو صلوات الله علیه من ابتداء ولادته (255 ق) الی زمن زمن الغبیة الکبری رآه جم غفیر من الثقات و الصادقین من الخاصة و العامة و حتی رآه بعض الاعداء و ذکروه ارباب التراجم و التواریخ مملوّة من هذه الاخبار و منها ما رواه فی الخرائح و الجرائح بهذا السند:
رُوِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمُسْتَرِقِّ الضَّرِيرِ قَالَ كُنْتُ يَوْماً فِي مَجْلِسِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَانَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ فَتَذَاكَرْنَا أَمْرَ النَّاحِيَةِ «1» قَالَ كُنْتُ أُزْرِي عَلَيْهَا إِلَى أَنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ عَمِّيَ الْحُسَيْنُ يَوْماً فَأَخَذْتُ أَتَكَلَّمُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ! قَدْ كُنْتُ أَقُولُ بِمَقَالَتِكَ هَذِهِ إِلَى أَنْ نُدِبْتُ لِوِلَايَةِ قُمَّ حِينَ اسْتَصْعَبَتْ عَلَى السُّلْطَانِ وَ كَانَ كُلُّ مَنْ وَرَدَ إِلَيْهَا مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ يُحَارِبُهُ أَهْلُهَا فَسُلِّمَ إِلَيَّ جَيْشٌ وَ خَرَجْتُ نَحْوَهَا فَلَمَّا بَلَغْتُ إِلَى نَاحِيَةِ طِرْزٍ «2»

خَرَجْتُ إِلَى الصَّيْدِ فَفَاتَتْنِي طَرِيدَةٌ فَاتَّبَعْتُهَا وَ وْغَلْتُ فِي أَثَرِهَا حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى نَهَرٍ فَسِرْتُ فِيهِ وَ كُلَّمَا أَسِيرُ يَتَّسِعُ النَّهَرُ فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيَّ فَارِسٌ تَحْتَهُ شَهْبَاءُ وَ هُوَ مُتَعَمِّمٌ بِعِمَامَةِ خَزٍّ خَضْرَاءَ لَا يُرَى مِنْهُ سِوَى عَيْنَيْهِ وَ فِي رِجْلِهِ خُفَّانِ حَمْرَاوَانِ فَقَالَ لِي يَا حُسَيْنُ وَ لَا هُوَ أَمَّرَنِي وَ لَا كَنَّانِي «3» فَقُلْتُ: مَا ذَا تُرِيدُ قَالَ لِمَ تُزْرِي عَلَى النَّاحِيَةِ وَ لِمَ تَمْنَعُ أَصْحَابِي خُمُسَ مَالِكَ وَ كُنْتُ الرَّجُلَ الْوَقُورَ الَّذِي لَا يَخَافُ شَيْئاً فَأُرْعِدْتُ وَ تَهَيَّبْتُهُ وَ قُلْتُ لَهُ أَفْعَلُ يَا سَيِّدِي مَا تَأْمُرُ بِهِ فَقَالَ إِذَا مَضَيْتَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنْتَ مُتَوَجِّهٌ إِلَيْهِ فَدَخَلْتَهُ عَفْواً وَ كَسَبْتَ مَا كَسَبْتَ فِيهِ تَحْمِلُ خُمُسَهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ. فَقُلْتُ: السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ. فَقَالَ: امْضِ رَاشِداً وَ لَوَى عِنَانَ دَابَّتِهِ وَ انْصَرَفَ فَلَمْ أَدْرِ أَيَّ طَرِيقٍ سَلَكَ وَ طَلَبْتُهُ يَمِيناً وَ شِمَالًا فَخَفِيَ عَلَيَّ أَمْرُهُ وَ ازْدَدْتُ رُعْباً وَ انْكَفَفْتُ رَاجِعاً إِلَى عَسْكَرِي وَ تَنَاسَيْتُ الْحَدِيثَ فَلَمَّا بَلَغْتُ قُمَّ وَ عِنْدِي أَنِّي أُرِيدُ مُحَارَبَةَ الْقَوْمِ خَرَجَ إِلَيَّ أَهْلُهَا وَ قَالُوا كُنَّا نُحَارِبُ مَنْ يَجِيئُنَا بِخِلَافِهِمْ لَنَا فَأَمَّا إِذَا وَافَيْتَ أَنْتَ فَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ ادْخُلِ الْبَلَدَ فَدَبِّرْهَا كَمَا تَرَى فَأَقَمْتُ فِيهَا زَمَاناً وَ كَسَبْتُ أَمْوَالًا زَائِدَةً عَلَى مَا كُنْتُ أَتَوَقَّعُ ثُمَّ وَشَى الْقُوَّادُ بِي إِلَى السُّلْطَانِ وَ حُسِدْتُ عَلَى طُولِ مُقَامِي وَ كَثْرَةِ مَا اكْتَسَبْتُ فَعُزِلْتُ وَ رَجَعْتُ إِلَى بَغْدَادَ فَابْتَدَأْتُ بِدَارِ السُّلْطَانِ وَ سَلَّمْتُ وَ أَقْبَلْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَ جَاءَنِي فِيمَنْ جَاءَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْرِيُّ فَتَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى اتَّكَأَ عَلَى تُكَأَتِي فَاغْتَظْتُ مِنْ ذَلِكَ وَ لَمْ يَزَلْ قَاعِداً مَا يَبْرَحُ وَ النَّاسُ دَاخِلُونَ وَ خَارِجُونَ وَ أَنَا أَزْدَادُ غَيْظاً فَلَمَّا تَصَرَّمَ الْمَجْلِسُ دَنَا إِلَيَّ وَ قَالَ: بَيْنِي وَ بَيْنَكَ سِرٌّ فَاسْمَعْهُ؟ فَقُلْتُ: قُلْ. فَقَالَ صَاحِبُ الشَّهْبَاءِ وَ النَّهَرِ يَقُولُ: قَدْ وَفَيْنَا بِمَا وَعَدْنَا فَذَكَرْتُ الْحَدِيثَ وَ ارْتَعْتُ مِنْ ذَلِكَ وَ قُلْتُ: السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ. فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَفَتَحْتُ الْخَزَائِنَ فَلَمْ يَزَلْ يُخَمِّسُهَا إِلَى أَنْ خَمَّسَ شَيْئاً كُنْتُ قَدْ أُنْسِيتُهُ مِمَّا كُنْتُ قَدْ جَمَعْتُهُ وَ انْصَرَفَ وَ لَمْ أَشُكَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَ تَحَقَّقْتُ الْأَمْرَ فَأَنَا مُنْذُ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ عَمِّي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ زَالَ مَا كَانَ‏ اعْتَرَضَنِي مِنْ شَكٍّ.
بيان: الطرد بالتحريك مزاولة الصيد و الطريدة ما طردت من صيد و غيره و الإيغال السير السريع و الإمعان فيه قوله فدخلته عَفْواً أي من غير محاربة و مشقة قال الجزري فيه أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس أي السهل المتيسر و قال الفيروزآبادي أعطيته عفوا أي بغير مسألة.

(رک: بحار الأنوار (ط – بيروت)، ج‏52، ص 56-57، ح 40)

__________________________________________________
(1) في الأصل المطبوع «أمر الجماعة» و هو سهو ظاهر و الظاهر الصحيح: «امر الناحية» كما سيجي‏ء في الحديث بعد أسطر، و أخرجه كذلك في كشف الغمّة ج 3 ص 409 فراجع.
(2) قال الفيروزآبادي: الطرز: الموضع الذي تنسج فيه الثياب الجيدة و محلة بمرو، و بأصفهان و بلد قرب اسبيجاب و تفتح.
(3) أي لم يقل لي: ايها الامير، و لا، يا أبا عبد اللّه! تعظيما لي و توقيرا. بل سمانى باسمى و قال يا حسين تحقيرا.