هو صلوات الله علیه من ابتداء ولادته (255 ق) الی زمن الغیبة الصغری رآه جم غفیر من الثقات و الصادقین من الخاصة و العامة و حتی رآه بعض الاعداء و ذکروه ارباب التراجم و التواریخ مملوّة من هذه الاخبار و منها ما رواه المجلسی من بَعْضِ تَأْلِيفَاتِ أَصْحَابِه بهذا السند:
وَ رُوِيَ فِي بَعْضِ تَأْلِيفَاتِ أَصْحَابِنَا عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْدَانَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عِيسَى بْنِ مَهْدِيٍّ الْجَوْهَرِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ إِلَى الْحَجِّ وَ كَانَ قَصْدِي الْمَدِينَةَ حَيْثُ صَحَّ عِنْدَنَا أَنَّ صَاحِبَ الزَّمَانِ قَدْ ظَهَرَ فَاعْتَلَلْتُ وَ قَدْ خَرَجْنَا مِنْ فَيْدٍ «1» فَتَعَلَّقَتْ نَفْسِي بِشَهْوَةِ السَّمَكِ وَ التَّمْرِ فَلَمَّا وَرَدْتُ الْمَدِينَةَ وَ لَقِيتُ بِهَا إِخْوَانَنَا بَشَّرُونِي بِظُهُورِهِ علیه السلام بِصَابِرَ فَصِرْتُ إِلَى صَابِرَ فَلَمَّا أَشْرَفْتُ عَلَى الْوَادِي رَأَيْتُ عُنَيْزَاتٍ عِجَافاً فَدَخَلْتُ الْقَصْرَ فَوَقَفْتُ أَرْقُبُ الْأَمْرَ إِلَى أَنْ صَلَّيْتُ الْعِشَاءَيْنِ وَ أَنَا أَدْعُو وَ أَتَضَرَّعُ وَ أَسْأَلُ فَإِذَا أَنَا بِبَدْرٍ الْخَادِمِ يَصِيحُ بِي: يَا عِيسَى بْنَ مَهْدِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ! ادْخُلْ. فَكَبَّرْتُ وَ هَلَّلْتُ وَ أَكْثَرْتُ مِنْ حَمْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ فَلَمَّا صِرْتُ فِي صَحْنِ الْقَصْرِ رَأَيْتُ مَائِدَةً مَنْصُوبَةً فَمَرَّ بِيَ الْخَادِمُ إِلَيْهَا فَأَجْلَسَنِي عَلَيْهَا وَ قَالَ لِي: مَوْلَاكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْكُلَ مَا اشْتَهَيْتَ فِي عِلَّتِكَ وَ أَنْتَ خَارِجٌ مِنْ فَيْدٍ. فَقُلْتُ: حَسْبِي بِهَذَا بُرْهَاناً فَكَيْفَ آكُلُ وَ لَمْ أَرَ سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ فَصَاحَ: يَا عِيسَى! كُلْ مِنْ طَعَامِكَ فَإِنَّكَ تَرَانِي. فَجَلَسْتُ عَلَى الْمَائِدَةِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا عَلَيْهَا سَمَكٌ حَارٌّ يَفُورُ وَ تَمْرٌ إِلَى جَانِبِهِ أَشْبَهُ التُّمُورِ بِتُمُورِنَا وَ بِجَانِبِ التَّمْرِ لَبَنٌ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: عَلِيلٌ وَ سَمَكٌ وَ تَمْرٌ وَ لَبَنٌ؟ فَصَاحَ بِي: يَا عِيسَى! أَ تَشُكُّ فِي أَمْرِنَا أَ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا يَنْفَعُكَ وَ يَضُرُّكَ فَبَكَيْتُ وَ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى وَ أَكَلْتُ مِنَ الْجَمِيعِ وَ كُلَّمَا رَفَعْتُ يَدِي مِنْهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ مَوْضِعُهَا فِيهِ فَوَجَدْتُهُ أَطْيَبَ مَا ذُقْتُهُ فِي الدُّنْيَا فَأَكَلْتُ مِنْهُ كَثِيراً حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ فَصَاحَ بِي: لَا تَسْتَحْيِ يَا عِيسَى! فَإِنَّهُ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ لَمْ تَصْنَعْهُ يَدُ مَخْلُوقٍ فَأَكَلْتُ فَرَأَيْتُ نَفْسِي لَا يَنْتَهِي عَنْهُ مِنْ أَكْلِهِ. فَقُلْتُ: يَا مَوْلَايَ! حَسْبِي. فَصَاحَ بِي: أَقْبِلْ إِلَيَّ. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: آتِي مَوْلَايَ وَ لَمْ أَغْسِلْ يَدِي فَصَاحَ بِي: يَا عِيسَى! وَ هَلْ لِمَا أَكَلْتَ غَمَرٌ فَشَمِمْتُ يَدِي وَ إِذَا هِيَ أَعْطَرُ مِنَ الْمِسْكِ وَ الْكَافُورِ فَدَنَوْتُ مِنْهُ علیه السلاک فَبَدَا لِي نُورٌ غَشِيَ بَصَرِي وَ رَهِبْتُ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ عَقْلِي قَدِ اخْتَلَطَ. فَقَالَ لِي: يَا عِيسَى! مَا كَانَ لَكَ أَنْ تَرَانِي لَوْ لَا الْمُكَذِّبُونَ الْقَائِلُونَ بِأَيْنَ هُوَ وَ مَتَى كَانَ وَ أَيْنَ وُلِدَ وَ مَنْ رَآهُ وَ مَا الَّذِي خَرَجَ إِلَيْكُمْ مِنْهُ وَ بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ نَبَّأَكُمْ وَ أَيِّ مُعْجِزٍ أَتَاكُمْ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ دَفَعُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ مَا رَوَوْهُ وَ قَدَّمُوا عَلَيْهِ وَ كَادُوهُ وَ قَتَلُوهُ وَ كَذَلِكَ آبَائِي (علیهم السلام) وَ لَمْ يُصَدِّقُوهُمْ وَ نَسَبُوهُمْ إِلَى السِّحْرِ وَ خِدْمَةِ الْجِنِّ إِلَى مَا تَبَيَّنَ يَا عِيسَى! فَخَبِّرْ أَوْلِيَاءَنَا مَا رَأَيْتَ وَ إِيَّاكَ أَنْ تُخْبِرَ عَدُوَّنَا فَتُسْلَبَهُ. فَقُلْتُ: يَا مَوْلَايَ! ادْعُ لِي بِالثَّبَاتِ. فَقَالَ: لَوْ لَمْ يُثَبِّتْكَ اللَّهُ مَا رَأَيْتَنِي وَ امْضِ بِنَجْحِكَ رَاشِداً فَخَرَجْتُ أُكْثِرُ حَمْدَ اللَّهِ وَ شُكْراً.

(رک: بحار الأنوار (ط – بيروت)، ج‏52، ص 69-70، ح 54)

__________________________________________________
(1) فيد: قلعة قرب مكّة.