قال الصدوق فی کمال الدین و تمام النمعة:
فلمّا كان زمان داوود (عليه السلام) كان له أربعة إخوة ولهم أب شيخ كبير، وكان داوود من بينهم خامل الذِّكر وكان أصغر أخوته لا يعلمون أنّه داوود النبي المنتظر الَّذي يطهّر الأرض من جالوت وجنوده، وكانت الشيعة يعلمون أنّه قد وُلد وبلغ أَشُدَّه وكانوا يرونه ويشاهدونه ولا يعلمون أنّه هو.
فخرج داوود (عليه السلام) وإخوته وأبوهم لمّا فصل طالوت بالجنود وتخلّف عنهم داوود، وقال: ما يصنع بي في هذا الوجه، فاستهان به إخوته وأبوه وأقام في غنم أبيه يرعاها فاشتدَّ الحرب وأصاب النّاس جهد، فرجع أبوه وقال لداوود: احمل إلى إخوتك طعاماً يتقوّون به على العدوِّ، وكان (عليه السلام) رجلاً قصيراً قليل الشعر طاهر القلب، أخلاقه نقيّة، فخرج والقوم متقاربون بعضهم من بعض قد رجع كلُّ واحد منهم إلى مركزه، فمرَّ داوود (عليه السلام) على حجر فقال الحجر له بنداء رفيع: ياداوود خذني فاقتل بي جالوت فإنّي إنّما خُلقت لقتله. فأخذه ووضعه في مِخلاته الّتي كانت فيها حجارته الّتي كان يرمي بها غنمه، فلمّا دخل العسكر سمعهم يعظمون أمر جالوت، فقال لهم: ما تعظّمون من أمره فوالله لئن عاينته لأقتلنّه، فتحدثَّوا بخبره حتّى أُدخل على طالوت فقال له: يافتى! ما عندك من القوَّة وما جرَّبت من نفسك. قال: قد كان الأسد يعدو على الشاة من غنمي فادركه فآخذ برأسه وأفكُّ لحييه عنها فآخذها من فيه، وكان الله تبارك وتعالى أوحى إلى طالوت أنّه لا يقتل جالوت إلاّ من لبس درعك فملأها، فدعا بدرعه فلبسها داوود (عليه السلام) فاستوت عليه فراع ذلك طالوت ومن حضره من بني إسرائيل، فقال: عسى الله أن يقتل به جالوت. فلمّا أصبحوا والتقى النّاس قال داوود (عليه السلام): أروني جالوت! فلمّا رآه أخذ الحجر فرماه به فصكَّ به بين عينيه فدمغه وتنكّس عن دابّته. فقال النّاس: قتل داوود جالوت! وملّكه النّاس حتّى لم يكن يسمع لطالوت ذكر، واجتمعت عليه بنو إسرائيل، وأنزل الله تبارك وتعالى عليه الزَّبور، وعلّمه صنعة الحديد فليّنه له وأمر الجبال والطّير أن تسبّح معه، وأعطاه صوتاً لم يسمع بمثله حسناً، وأعطاه قوَّة في العبادة. وأقام في بني إسرائيل نبيّاً.
وقال الصدوق (رحمه الله): وهكذا يكون سبيل القائم (عليه السلام) له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه وأنطقه الله عزّ وجلّ فناداه: اُخرج يا وليّ الله فاقتل أعداء الله، وله سيف مغمّد إذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه الله عزّ وجلّ فناداه السيف اُخرج يا ولي الله فلا يحلّ لك أن تقعد عن أعداء الله فيخرج (عليه السلام) ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ويُقيم حدود الله ويحكم بحكم الله عزّ وجلّ.
أحدث وجهات النظر