مجيئ الامام عليه السّلام إلى دار السيّد مهدي بحر العلوم العلّامة الطباطبائي لزيارته و تفقّده عند ما كان مجاورا بمكّة زادها اللّه شرفا

حدثني الأخ الصفي المذكور عن المولى السلماسي رحمه الله تعالى عن ناظر أموره في أيام مجاورته بمكة قال كان رحمه الله مع كونه في بلد الغربة منقطعا عن الأهل و الإخوة قوي القلب في البذل و العطاء غير مكترث بكثرة المصارف فاتفق في بعض الأيام أن لم نجد إلى درهم سبيلا فعرفته الحال و كثرة المئونة و انعدام المال فلم يقل شيئا و كان دأبه أن يطوف بالبيت بعد الصبح و يأتي إلى الدار فيجلس في القبة المختصة به و نأتي إليه بغليان فيشربه ثم يخرج إلى قبة أخرى تجتمع فيها تلامذته من كل المذاهب فيدرس لكل على مذهبه.
فلما رجع من الطواف في اليوم الذي شكوته في أمسه نفود النفقة و أحضرت الغليان على العادة فإذا بالباب يدقه أحد فاضطرب أشد الاضطراب و قال لي خذ الغليان و أخرجه من هذا المكان و قام مسرعا خارجا عن الوقار و السكينة و الآداب ففتح الباب و دخل شخص جليل في هيئة الأعراب و جلس في تلك القبة
و قعد السيد عند بابها في نهاية الذلة و المسكنة و أشار إلي أن لا أقرب إليه الغليان.
فقعدا ساعة يتحدثان ثم قام فقام السيد مسرعا و فتح الباب و قبل يده و أركبه على جمله الذي أناخه عنده و مضى لشأنه و رجع السيد متغير اللون و ناولني براة و قال هذه حوالة على رجل صراف قاعد في جبل الصفا و اذهب إليه و خذ منه ما أحيل عليه.
قال فأخذتها و أتيت بها إلى الرجل الموصوف فلما نظر إليها قبلها و قال علي بالحماميل فذهبت و أتيت بأربعة حماميل فجاء بالدراهم من الصنف الذي يقال له ريال فرانسه يزيد كل واحد على خمسة قرانات العجم و ما كانوا يقدرون على حمله فحملوها على أكتافهم و أتينا بها إلى الدار.
و لما كان في بعض الأيام ذهبت إلى الصراف لأسأل منه حاله و ممن كانت تلك الحوالة فلم أر صرافا و لا دكانا فسألت عن بعض من حضر في ذلك المكان عن الصراف فقال ما عهدنا في هذا المكان صرافا أبدا و إنما يقعد فيه فلان فعرفت أنه من أسرار الملك المنان و ألطاف ولي الرحمن.
– و حدثني بهذه الحكاية الشيخ العالم الفقيه النحرير المحقق الوجيه صاحب التصانيف الرائقة و المناقب الفائقة الشيخ محمد حسين الكاظمي المجاور بالغري أطال الله بقاه عمن حدثه من الثقات عن الشخص المذكور.

(الجنة المأوی؛ للمحدث النوری)