هو صلوات الله علیه من ابتداء ولادته (255 ق) الی زمن الغبیة الکبری رآه جم غفیر من الثقات و الصادقین من الخاصة و العامة و حتی رآه بعض الاعداء و ذکروه ارباب التراجم و التواریخ مملوّة من هذه الاخبار و منها ما رواه علی بن عیسی الاربلی المتوفی 692 فی کتاب کشف الغمة بهذا السند:
وَ أَنَا أَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ قِصَّتَيْنِ قَرُبَ عَهْدُهُمَا مِنْ زَمَانِي وَ حَدَّثَنِي بِهِمَا جَمَاعَةٌ مِنْ ثِقَاتِ إِخْوَانِي كَانَ فِي الْبِلَادِ الْحِلِّيَّةِ شَخْصٌ يُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْهِرَقْلِيُّ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا هِرَقْلُ مَاتَ فِي زَمَانِي وَ مَا رَأَيْتُهُ حَكَى لِي وَلَدُهُ شَمْسُ الدِّينِ قَالَ: حَكَى لِي وَالِدِي أَنَّهُ خَرَجَ فِيهِ وَ هُوَ شَابٌّ عَلَى فَخِذِهِ الْأَيْسَرِ تُوثَةٌ «1» مِقْدَارَ قَبْضَةِ الْإِنْسَانِ وَ كَانَتْ فِي كُلِّ رَبِيعٍ تَتَشَقَّقُ وَ يَخْرُجُ مِنْهَا دَمٌ وَ قَيْحٌ وَ يَقْطَعُهُ أَلَمُهَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أَشْغَالِهِ وَ كَانَ مُقِيماً بِهِرَقْلَ

فَحَضَرَ إِلَى الْحِلَّةِ يَوْماً وَ دَخَلَ إِلَى مَجْلِسِ السَّعِيدِ رَضِيِّ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ طَاوُسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ شَكَا إِلَيْهِ مَا يَجِدُهُ وَ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُدَاوِيَهَا فَأَحْضَرَ لَهُ أَطِبَّاءَ الْحِلَّةِ وَ أَرَاهُمُ الْمَوْضِعَ فَقَالُوا هَذِهِ التُّوثَةُ فَوْقَ الْعِرْقِ الْأَكْحَلِ وَ عِلَاجُهَا خَطَرٌ وَ مَتَى قُطِعَتْ خِيفَ أَنْ يَنْقَطِعَ الْعِرْقُ فَيَمُوتَ. فَقَالَ لَهُ السَّعِيدُ رَضِيُّ الدِّينِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: أَنَا مُتَوَجِّهٌ إِلَى بَغْدَادَ وَ رُبَّمَا كَانَ أَطِبَّاؤُهَا أَعْرَفَ وَ أَحْذَقَ مِنْ هَؤُلَاءِ فَأَصْحَبَنِي فَأَصْعَدُ مَعَهُ وَ أَحْضُرُ الْأَطِبَّاءَ فَقَالُوا كَمَا قَالَ أُولَئِكَ. فَضَاقَ صَدْرُهُ. فَقَالَ لَهُ السَّعِيدُ: إِنَّ الشَّرْعَ قَدْ فَسَحَ لَكَ فِي الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الثِّيَابِ وَ عَلَيْكَ الِاجْتِهَادُ فِي الِاحْتِرَاسِ وَ لَا تُغَرِّرْ بِنَفْسِكَ فَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَ رَسُولُهُ. فَقَالَ لَهُ وَالِدِي: إِذَا كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا وَ قَدْ حَصَلْتُ فِي بَغْدَادَ فَأَتَوَجَّهُ إِلَى‏ زِيَارَةِ الْمَشْهَدِ الشَّرِيفِ بِسُرَّ مَنْ رَأَى عَلَى مُشَرِّفِهِ السَّلَامُ ثُمَّ أَنْحَدِرُ إِلَى أَهْلِي فَحَسَّنَ لَهُ ذَلِكَ فَتَرَكَ ثِيَابَهُ وَ نَفَقَتَهُ عِنْدَ السَّعِيدِ رَضِيِّ الدِّينِ وَ تَوَجَّهَ. قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَشْهَدَ وَ زُرْتُ الْأَئِمَّةَ علیهما السلام نَزَلْتُ السِّرْدَابَ وَ اسْتَغَثْتُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَ بِالْإِمَامِ علیه السلام وَ قَضَيْتُ بَعْضَ اللَّيْلِ فِي السِّرْدَابِ وَ بَقِيتُ فِي الْمَشْهَدِ إِلَى الْخَمِيسِ ثُمَّ مَضَيْتُ إِلَى دِجْلَةَ وَ اغْتَسَلْتُ وَ لَبِسْتُ ثَوْباً نَظِيفاً وَ مَلَأْتُ إِبْرِيقاً كَانَ مَعِي وَ صَعِدْتُ أُرِيدُ الْمَشْهَدَ فَرَأَيْتُ أَرْبَعَةَ فُرْسَانٍ خَارِجِينَ مِنْ بَابِ السُّورِ وَ كَانَ حَوْلَ الْمَشْهَدِ قَوْمٌ مِنَ الشُّرَفَاءِ يَرْعَوْنَ أَغْنَامَهُمْ فَحَسِبْتُهُمْ مِنْهُمْ فَالْتَقَيْنَا فَرَأَيْتُ شَابَّيْنِ أَحَدُهُمَا عَبْدٌ مَخْطُوطٌ وَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُتَقَلِّدٌ بِسَيْفٍ وَ شَيْخاً مُنَقِّباً بِيَدِهِ رُمْحٌ وَ الْآخَرُ مُتَقَلِّدٌ بِسَيْفٍ وَ عَلَيْهِ فرجية مُلَوَّنَةٌ فَوْقَ السَّيْفِ وَ هُوَ مُتَحَنِّكٌ بِعَذَبَتِهِ فَوَقَفَ الشَّيْخُ صَاحِبُ الرُّمْحِ يَمِينَ الطَّرِيقِ وَ وَضَعَ كَعْبَ رُمْحِهِ فِي الْأَرْضِ وَ وَقَفَ الشَّابَّانِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ وَ بَقِيَ صَاحِبُ الفرجية عَلَى الطَّرِيقِ مُقَابِلَ وَالِدِي ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الفرجية: أَنْتَ غَداً تَرُوحُ إِلَى أَهْلِكَ. فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ: تَقَدَّمْ حَتَّى أَبْصُرَ مَا يُوجِعُكَ. قَالَ: فَكَرِهْتُ مُلَامَسَتَهُمْ وَ قُلْتُ: أَهْلُ الْبَادِيَةِ مَا يَكَادُونَ يَحْتَرِزُونَ مِنَ النَّجَاسَةِ وَ أَنَا قَدْ خَرَجْتُ مِنَ الْمَاءِ وَ قَمِيصِي مَبْلُولٌ ثُمَّ إِنِّي مَعَ ذَلِكَ تَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ فَلَزِمَنِي بِيَدِي وَ مَدَّنِي إِلَيْهِ وَ جَعَلَ يَلْمِسُ جَانِبِي مِنْ كَتِفِي إِلَى أَنْ أَصَابَتْ يَدُهُ التُّوثَةَ فَعَصَرَهَا بِيَدِهِ فَأَوْجَعَنِي ثُمَّ اسْتَوَى فِي سَرْجِ فَرَسِهِ كَمَا كَانَ. فَقَالَ لِيَ الشَّيْخُ: أَفْلَحْتَ يَا إِسْمَاعِيلُ! فَتَعَجَّبْتُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِاسْمِي فَقُلْتُ: أَفْلَحْنَا وَ أَفْلَحْتُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ: فَقَالَ هَذَا هُوَ الْإِمَامُ. قَالَ: فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ فَاحْتَضَنْتُهُ وَ قَبَّلْتُ فَخِذَهُ ثُمَّ إِنَّهُ سَاقَ وَ أَنَا أَمْشِي مَعَهُ مُحْتَضِنَهُ. فَقَالَ: ارْجِعْ. فَقُلْتُ: لَا أُفَارِقُكَ أَبَداً. فَقَالَ: الْمَصْلَحَةُ رُجُوعُكَ. فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ مِثْلَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. فَقَالَ الشَّيْخُ: يَا إِسْمَاعِيلُ! مَا تَسْتَحْيِي يَقُولُ لَكَ الْإِمَامُ مَرَّتَيْنِ ارْجِعْ وَ تُخَالِفُهُ فَجَهَّنِي بِهَذَا الْقَوْلِ فَوَقَفْتُ فَتَقَدَّمَ خُطُوَاتٍ وَ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ: إِذَا وَصَلْتَ بِبَغْدَادَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَطْلُبَكَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي الْخَلِيفَةَ الْمُسْتَنْصِرَ فَإِذَا حَضَرْتَ عِنْدَهُ وَ أَعْطَاكَ شَيْئاً فَلَا تَأْخُذْهُ وَ قُلْ: لِوَلَدِنَا الرَّضِيِّ لِيَكْتُبَ لَكَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ عِوَضٍ فَإِنَّنِي أُوصِيهِ يُعْطِيكَ الَّذِي تُرِيدُ ثُمَّ سَارَ وَ أَصْحَابُهُ مَعَهُ فَلَمْ أَزَلْ قَائِماً أَبْصُرُهُمْ حَتَّى بَعُدُوا وَ حَصَلَ عِنْدِي أَسَفٌ لِمُفَارَقَتِهِ فَقَعَدْتُ إِلَى الْأَرْضِ سَاعَةً ثُمَّ مَشَيْتُ إِلَى الْمَشْهَدِ فَاجْتَمَعَ الْقُوَّامُ حَوْلِي وَ قَالُوا: نَرَى وَجْهَكَ مُتَغَيِّراً أَوْجَعَكَ شَيْ‏ءٌ. قُلْتُ: لَا. قَالُوا: خَاصَمَكَ أَحَدٌ؟ قُلْتُ: لَا. لَيْسَ عِنْدِي مِمَّا تَقُولُونَ خَبَرٌ لَكِنْ أَسْأَلُكُمْ هَلْ عَرَفْتُمُ الْفُرْسَانَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدَكُمْ فَقَالُوا هُمْ مِنَ الشُّرَفَاءِ أَرْبَابِ الْغَنَمِ. فَقُلْتُ: بَلْ هُوَ الْإِمَامُ علیه السلام. فَقَالُوا: الْإِمَامُ هُوَ الشَّيْخُ أَوْ صَاحِبُ الفرجية؟ فَقُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ الفرجية. فَقَالُوا: أَرَيْتَهُ الْمَرَضَ الَّذِي فِيكَ؟ فَقُلْتُ: هُوَ قَبَضَهُ بِيَدِهِ وَ أَوْجَعَنِي ثُمَّ كَشَفْتُ رِجْلِي فَلَمْ أَرَ لِذَلِكَ الْمَرَضِ أَثَراً فَتَدَاخَلَنِي الشَّكُّ مِنَ الدَّهَشِ فَأَخْرَجْتُ رِجْلِيَ الْأُخْرَى فَلَمْ أَرَ شَيْئاً فَانْطَبَقَ النَّاسُ عَلَيَّ وَ مَزَّقُوا قَمِيصِي فَأَدْخَلَنِي الْقُوَّامُ خِزَانَةً وَ مَنَعُوا النَّاسَ عَنِّي وَ كَانَ نَاظِرُ بَيْنِ النَّهْرَيْنِ بِالْمَشْهَدِ فَسَمِعَ الضَّجَّةَ وَ سَأَلَ عَنِ الْخَبَرِ فَعَرَّفُوهُ فَجَاءَ إِلَى الْخِزَانَةِ وَ سَأَلَنِي عَنِ اسْمِي وَ سَأَلَنِي مُنْذُ كَمْ خَرَجْتَ مِنْ بَغْدَادَ فَعَرَّفْتُهُ أَنِّي خَرَجْتُ فِي أَوَّلِ الْأُسْبُوعِ فَمَشَى عَنِّي وَ بِتُّ فِي الْمَشْهَدِ وَ صَلَّيْتُ الصُّبْحَ وَ خَرَجْتُ وَ خَرَجَ النَّاسُ مَعِي إِلَى أَنْ بَعُدْتُ عَنِ الْمَشْهَدِ وَ رَجَعُوا عَنِّي وَ وَصَلْتُ إِلَى أَوَانَى «2» فَبِتُّ بِهَا وَ بَكَّرْتُ مِنْهَا أُرِيدُ بَغْدَادَ فَرَأَيْتُ النَّاسَ مُزْدَحِمِينَ عَلَى الْقَنْطَرَةِ الْعَتِيقَةِ يَسْأَلُونَ كُلَّ مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ عَنِ اسْمِهِ وَ نَسَبِهِ وَ أَيْنَ كَانَ فَسَأَلُونِي عَنِ اسْمِي وَ مِنْ أَيْنَ جِئْتُ فَعَرَّفْتُهُمْ فَاجْتَمَعُوا عَلَيَّ وَ مَزَّقُوا ثِيَابِي وَ لَمْ يَبْقَ لِي فِي رُوحِي حُكْمٌ وَ كَانَ نَاظِرُ بَيْنِ النَّهْرَيْنِ كَتَبَ إِلَى بَغْدَادَ وَ عَرَّفَهُمُ الْحَالَ ثُمَّ حَمَلُونِي إِلَى بَغْدَادَ وَ ازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيَّ وَ كَادُوا يَقْتُلُونَنِي مِنْ كَثْرَةِ الزِّحَامِ وَ كَانَ الْوَزِيرُ الْقُمِّيُّ قَدْ طَلَبَ السَّعِيدَ رَضِيَّ الدِّينِ وَ تَقَدَّمَ أَنْ يُعَرِّفَهُ صِحَّةَ هَذَا الْخَبَرِ. قَالَ: فَخَرَجَ رَضِيُّ الدِّينِ وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَوَافَيْنَا بَابَ النُّوبِيِّ فَرَدَّ أَصْحَابُهُ النَّاسَ عَنِّي فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: أَ عَنْكَ يَقُولُونَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَ كَشَفَ فَخِذِي فَلَمْ يَرَ شَيْئاً فَغُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً وَ أَخَذَ بِيَدِي وَ أَدْخَلَنِي عَلَى الْوَزِيرِ وَ هُوَ يَبْكِي وَ يَقُولُ: يَا مَوْلَانَا هَذَا أَخِي وَ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَى قَلْبِي فَسَأَلَنِي الْوَزِيرُ عَنِ الْقِصَّةِ فَحَكَيْتُ لَهُ فَأَحْضَرَ الْأَطِبَّاءَ الَّذِينَ أَشْرَفُوا عَلَيْهَا وَ أَمَرَهُمْ بِمُدَاوَاتِهَا فَقَالُوا: مَا دَوَاؤُهَا إِلَّا الْقَطْعُ بِالْحَدِيدِ وَ مَتَى قَطَعَهَا مَاتَ فَقَالَ لَهُمُ الْوَزِيرُ: فَبِتَقْدِيرِ أَنْ يُقْطَعَ وَ لَا يَمُوتَ فِي كَمْ تَبْرَأُ فَقَالُوا: فِي شَهْرَيْنِ وَ يَبْقَى فِي مَكَانِهَا حَفِيرَةٌ بَيْضَاءُ لَا يَنْبُتُ فِيهَا شَعْرٌ فَسَأَلَهُمُ الْوَزِيرُ مَتَى رَأَيْتُمُوهُ قَالُوا: مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَكَشَفَ الْوَزِيرُ عَنِ الْفَخِذِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْأَلَمُ وَ هِيَ مِثْلُ أُخْتِهَا لَيْسَ فِيهَا أَثَرٌ أَصْلًا فَصَاحَ أَحَدُ الْحُكَمَاءِ هَذَا عَمَلُ الْمَسِيحِ فَقَالَ الْوَزِيرُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَمَلَكُمْ فَنَحْنُ نَعْرِفُ مَنْ عَمِلَهَا ثُمَّ إِنَّهُ أُحْضِرَ عِنْدَ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَنْصِرِ فَسَأَلَهُ عَنِ الْقِصَّةِ فَعَرَّفَهُ بِهَا كَمَا جَرَى فَتَقَدَّمَ لَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَلَمَّا حَضَرْتُ قَالَ: خُذْ هَذِهِ فَأَنْفِقْهَا. فَقَالَ: مَا أَجْسُرُ آخُذُ مِنْهُ حَبَّةً وَاحِدَةً. فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: مِمَّنْ تَخَافُ؟ فَقَالَ: مِنَ الَّذِي فَعَلَ مَعِي هَذَا. قَالَ: لَا تَأْخُذْ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ شَيْئاً. فَبَكَى الْخَلِيفَةُ وَ تَكَدَّرَ وَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئاً.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: كُنْتُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَحْكِي هَذِهِ الْقِصَّةَ لِجَمَاعَةٍ عِنْدِي وَ كَانَ هَذَا شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ وَلَدُهُ عِنْدِي وَ أَنَا لَا أَعْرِفُهُ فَلَمَّا انْقَضَتِ الْحِكَايَةُ قَالَ: أَنَا وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ فَعَجِبْتُ مِنْ هَذَا الِاتِّفَاقِ وَ قُلْتُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ فَخِذَهُ وَ هِيَ مَرِيضَةٌ؟ فَقَالَ: لَا لِأَنِّي أَصْبُو عَنْ ذَلِكَ وَ لَكِنِّي رَأَيْتُهَا بَعْدَ مَا صَلَحَتْ وَ لَا أَثَرَ فِيهَا وَ قَدْ نَبَتَ فِي مَوْضِعِهَا شَعْرٌ وَ سَأَلْتُ السَّيِّدَ صَفِيَّ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ بَشِيرٍ الْعَلَوِيَّ الْمُوسَوِيَّ وَ نَجْمَ الدِّينِ حَيْدَرَ بْنَ الْأَيْسَرِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَ كَانَا مِنْ أَعْيَانِ النَّاسِ وَ سَرَاتِهِمْ وَ ذَوِي الْهَيْئَاتِ مِنْهُمْ وَ كَانَا صَدِيقَيْنِ لِي وَ عَزِيزَيْنِ عِنْدِي فَأَخْبَرَانِي بِصِحَّةِ الْقِصَّةِ وَ أَنَّهُمَا رَأَيَاهَا فِي حَالِ‏ مَرَضِهَا وَ حَالِ صِحَّتِهَا وَ حَكَى لِي وَلَدُهُ هَذَا أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ شَدِيدَ الْحُزْنِ لِفِرَاقِهِ علیه السلام حَتَّى إِنَّهُ جَاءَ إِلَى بَغْدَادَ وَ أَقَامَ بِهَا فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ وَ كَانَ كُلَّ أَيَّامٍ يَزُورُ سَامَرَّاءَ وَ يَعُودُ إِلَى بَغْدَادَ فَزَارَهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ أَرْبَعِينَ مَرَّةً طَمَعاً أَنْ يَعُودَ لَهُ الْوَقْتُ الَّذِي مَضَى أَوْ يُقْضَى لَهُ الْحَظُّ بِمَا قَضَى وَ مَنِ الَّذِي أَعْطَاهُ دَهْرَهُ الرِّضَا أَوْ سَاعَدَهُ بِمَطَالِبِهِ صَرْفَ الْقَضَاءِ فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِحَسْرَتِهِ وَ انْتَقَلَ إِلَى الْآخِرَةِ بِغُصَّتِهِ وَ اللَّهُ يَتَوَلَّاهُ وَ إِيَّانَا بِرَحْمَتِهِ بِمَنِّهِ وَ كَرَامَتِهِ وَ حَكَى لِيَ السَّيِّدُ بَاقِي بْنُ عطوةَ الْحَسَنِيُّ أَنَّ أَبَاهُ عطوةَ كَانَ آدَرَ «3» وَ كَانَ زَيْدِيَّ الْمَذْهَبِ وَ كَانَ يُنْكِرُ عَلَى بَنِيهِ الْمَيْلَ إِلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ وَ يَقُولُ لَا أُصَدِّقُكُمْ وَ لَا أَقُولُ بِمَذْهَبِكُمْ حَتَّى يَجِي‏ءَ صَاحِبُكُمْ يَعْنِي الْمَهْدِيَّ علیه السلام فَيُبْرِئَنِي مِنْ هَذَا الْمَرَضِ وَ تَكَرَّرَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ فَبَيْنَا نَحْنُ مُجْتَمِعُونَ عِنْدَ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِذَا أَبُونَا يَصِيحُ وَ يَسْتَغِيثُ بِنَا فَأَتَيْنَاهُ سِرَاعاً فَقَالَ الْحَقُوا صَاحِبَكُمْ فَالسَّاعَةَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي فَخَرَجْنَا فَلَمْ نَرَ أَحَداً فَعُدْنَا إِلَيْهِ وَ سَأَلْنَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ دَخَلَ إِلَيَّ شَخْصٌ وَ قَالَ: يَا عطوةُ فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا صَاحِبُ بَنِيكَ قَدْ جِئْتُ لِأُبْرِئَكَ مِمَّا بِكَ ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ فَعَصَرَ قَرْوَتِي وَ مَشَى وَ مَدَدْتُ يَدِي فَلَمْ أَرَ لَهَا أَثَراً قَالَ لِي وَلَدُهُ وَ بَقِيَ مِثْلَ الْغَزَالِ لَيْسَ بِهِ قَلَبَةٌ وَ اشْتَهَرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ وَ سَأَلْتُ عَنْهَا غَيْرَ ابْنِهِ فَأَخْبَرَ عَنْهَا فَأَقَرَّ بِهَا.
قال المجلسی: و الأخبار عنه علیه السلام في هذا الباب كثيرة و أنه رآه جماعة قد انقطعوا في طريق الحجاز و غيرها فخلصهم و أوصلهم إلى حيث أرادوا و لو لا التطويل لذكرت منها جملة و لكن هذا القدر الذي قرب عهده من زماني كاف.
بيان: التوثة لم أرها في اللغة و يحتمل أن يكون اللوثة بمعنى الجرح‏ و الاسترخاء و عذبة كل شي‏ء بالتحريك طرفه و يقال جَهَّهُ أي رَدَّهُ قبيحا قوله لأني أصبو عن ذلك كان يمنعني شرة الصبا عن التوجه إلى ذلك أو كنت طفلا لا أعقل ذلك قال الجوهري صبا يصبو صبوة أي مال إلى الجهل و الفتوة و قال القروة أن يعظم جلد البيضتين لريح فيه أو ماء أو لنزول الأمعاء و قال قولهم ما به قَلَبَةٌ أي ليست به علة.
أقول روى المفيد و الشهيد و مؤلف المزار الكبير رحمهم الله في مزاراتهم بأسانيدهم عن علي بن محمد بن عبد الرحمن التستري قال مررت ببني رؤاس فقال لي بعض إخواني لو ملت بنا إلى مسجد صعصعة فصلينا فيه فإن هذا رجب و يستحب فيه زيارة هذه المواضع المشرفة التي وطئها الموالي بأقدامهم و صلوا فيها و مسجد صعصعة منها.
قال فملت معه إلى المسجد و إذا ناقة معقلة مرحلة قد أنيخت بباب المسجد فدخلنا و إذا برجل عليه ثياب الحجاز و عمة كعمتهم قاعد يدعو بهذا الدعاء فحفظته أنا و صاحبي ثم سجد طويلا و قام فركب الراحلة و ذهب فقال لي صاحبي تراه الخضر فما بالنا لا نكلمه كأنما أمسك على ألسنتنا فخرجنا فلقينا ابن أبي رواد الرؤاسي فقال من أين أقبلتما قلنا من مسجد صعصعة و أخبرناه بالخبر فقال هذا الراكب يأتي مسجد صعصعة في اليومين و الثلاثة لا يتكلم قلنا من هو قال فمن تريانه أنتما قلنا نظنه الخضر ع فقال فأنا و الله لا أراه إلا من الخضر محتاج إلى رؤيته فانصرفا راشدين فقال لي صاحبي هو و الله صاحب الزمان.

(رک: بحار الأنوار (ط – بيروت)، ج‏52، ص 62-66، ح 51)

__________________________________________________
(1) «التوثة» و هكذا «التوتة» لحمة متدلية كالتوت أعنى الفرصاد قد تكون حمراء و قد تصير سوداء و اغلب ما تخرج في الخد و الوجنة، صعب العلاج حتّى الآن، و يظهر من الجوهريّ أن الصحيح «التوتة» لا التوثة.
(2) أوانى كسكارى بلدة ببغداد.
(3) آدر كآزر: من به الادرة و هو انفتاق الصفاق بحيث يقع القصب في الصفن و يكون الخصية منتفخا بذلك.