الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بنور الله من خلفاء العباسية، و هو الذي أمر بعمارة السرداب الشريف و جعل على الصفة التي فيه شباكاً من خشب ساج منقوش عليه: «بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ، هذا ما أمر بعمله سيدنا و مولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام أبوالعبّاس أحمد الناصر لدين الله أميرالمؤمنين و خليفة رب العالمين الذي طبق البلاد إحسانه و عدله و عمّ البلاد رأفته و فضله قرب الله أوامره الشريفة باستمرار النجح و النشر و ناطها بالتأييد و النصر و جعل لأيامه المخلدة حداً لا يكبو جواده و لآرائه الممجدة سعداً لا يخبو ناره في عز تخضع له الاقدار فيطيعه عواميها و ملك خشع له الملك فيملكه نواصيها بتولي المملوك معد بن الحسين بن معد موسوي الذي يرجو الحياة في أيامه المخلدة و يتمنى إنفاق عمره في الدعاء لدولته المؤبدة استجاب الله أدعيته و بلغه في أيامه الشريفة أمنيته من سنة ست و ستمائة الهلالية و حسبنا الله و نعم الوكيل و صلى الله على سيدنا خاتم النبيين و على آله الطاهرين و عترته و سلّم تسليماً.»
و نقش أيضاً في الخشب الساج داخل الصفة في دابر الحائط: «بسم الله الرحمن الرحيم محمد رسول الله أميرالمؤمنين علي ولي الله فاطمة الحسن بن علي الحسين بن علي علي بن الحسين محمد بن علي جعفر بن محمد موسى بن جعفر علي بن موسى محمّد بن علي علي بن محمّد الحسن بن علي القائم بالحقّ عليهم السلام هذا عمل علي بن محمد ولي آل محمد (رحمه الله)».
و لولا اعتقاد الناصر بانتساب السرداب إلى المهدي عليه السلام بكونه محل ولادته أو موضع غيبته أو مقام بروز كرامته لا مكان إقامته في طول غيبته كما نسبه بعض من لا خبرة له إلى الإمامية و ليس في كتبهم قديماً و حديثاً منه أثر أصلاً، لما أمر بعمارته و تزيينه، و لو كانت كلمات علماءِ عصره متفقة على نفيه و عدم ولادته لكان إقادامه عليه بحسب العادة صعباً أو ممتنعاً، فلا محالة فيهم من وافقه في معتقده الموافق لمعتقد جملة ممن سبقت إليهم الإشارة و هو المطلوب، و إنّما أدخلنا النّاصر في سلك هؤلاءِ لامتيازه عن أقرانه بالفضل و العلم و عداده من المحدثين فقد روى عنه ابن سكينة و ابن الأخضر و ابن النجار و ابن الدامغاني.