الحافظ محمّد بن محمّد بن محمود البخاري المعروف بخواجه بارسا من أعيان علماء الحنفية وأكابر مشايخ النقشبندية.
قال الكفوي في “أعلام الأخيار” قرأ العلوم على علماء عصره، و كان مقدماً على أقرانه في دهره و حصل الفروع و الأصول و برع في المعقول و المنقول و كان شاباً، قد أخذ الفقه عن قدوة بقية أعلام الهدى الشيخ الإمام العارف الرباني أبي طاهر محمد بن علي بن الحسن الطاهري. ثمّ ذكر سلسلة مشايخه في الفقه و أنه أخذ من صدر الشريعة و أنهاها إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة، قال: و هو أعز خلفاء الشيخ الكبير خواجه بهاء الدين نقشبند …
و من مؤلفات عبدالرحمن الجامي شرح كلمات خواجة بارسا.
فقال في كتاب “فصل الخطاب” و هو كتاب معروف قال في “كشف الظنون” فصل الخطاب في المحاضرات للحافظ الزاهد محمد بن محمد الحافظي من أولاد عبيدالله نقشبندي المتوفى بالمدينة المنورة سنة اثنتين وعشرين و ثمانمائة و دفن بها، أوله: الحمدلله الدال لخلقه على وحدانيته. و ترجمته لأبي الفضل موسى بن الحاج حسين الأزنيقي بإشارة رموزبيك ابن تيمورتاش باشا و تعريب فصل الخطاب لأمير بادشاه محمد البخاري نزيل مكة فرغ منه في رجب سنة سبع و ثمانين و تسعمائة.
فقال ما لفظه: و لما زعم أبوعبدالله جعفر بن أبي الحسن علي الهادي رضي الله عنه أنه لا ولد لأخيه أبي محمد الحسن العسكري رضي الله عنه و ادعى أن أخاه الحسن العسكري رضي الله عنه جعل الإمامة فيه سمي الكذاب و هو معروف بذلك و العقب من ولد جعفر بن علي هذا في علي بن جعفر وعقب علي هذا في ثلاثة عبد الله و جعفر و إسماعيل.
و أبو محمد الحسن العسكري ولده م ح م د رضي الله عنهما معلوم عند خاصة خواص أصحابه و ثقات أهله.
و يروي أن حكيمة بنت أبي جعفر محمد الجواد رضي الله عنه عمة أبي محمد الحسن العسكري كانت تحبه و تدعو له و تتضرع أن ترى له ولداً و كان أبومحمد الحسن العسكري اصطفى جارية يقال لها نرجس، فلما كان ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين دخلت حكيمة فدعت لأبي محمد الحسن العسكري عليه السلام فقال لها: يا عمة! كوني الليلة عندنا لأمر فأقامت كما رسم، فلما كان وقت الفجر اضطربت نرجس فقامت إليها حكيمة، فلما رأت المولود أتت به أبا محمد الحسن العسكري رضي الله عنه وهو مختون مفروغ منه فأخذه و أمر يده على ظهره و عينيه و أدخل لسانه في فمه و أذّن في أذنه اليمنى و أقام في الأخرى. ثم قال: يا عمة! إذهبي به إلى أمّه، فذهبت به و رددته إلى أمّه.
قالت حكيمة: فجئت إلى أبي محمد الحسن العسكري رضي الله عنه فإذا المولود بين يديه في ثياب صفر و عليه من البهاء و النور ما أخذ بجامع قلبي فقلت: سيدي هل عندك من علم في هذا المولود المبارك فتلقيه إلي. فقال أي عمة هذا المنتظر هذا الذي بشّرنا به. فقالت حكيمة: فخررت لله تعالى ساجدة شكراً على ذلك. قالت: ثم كنت أتردد إلى أبي محمد الحسن العسكري رضي الله عنه فلما لم أره فقلت له يوماً: يا مولاي! ما فعلت بسيدنا ومنتظرنا؟ قال: استوعناه الذي استودعته أم موسى ابنها. و ذكر في حاشية الكتاب كلاماً طويلاً في تضعيف ما نقله في المتن من حديث ابن مسعود من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في حق المهدي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي بكلام أوفى.
و حكاية المعتضد العباسي الذي نقله الجامي في شواهد النبوة و بعض علامات قيام المهدي، (إلى أن قال:) و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى و مناقب المهدي رضي الله عنه صاحب الزمان الغائب عن الأعيان الموجود في كل زمان كثيرة و قد تظاهرت الأخبار على ظهوره و إشراق نوره، يجدد الشريعة المحمدية و يجاهد في الله حق جهاده و يطهر من الأدناس أقطار البلاد، زمانه زمان المتقين و أصحابه خلصوا من الريب و سلموا من العيب و أخذوا بهديه و طريقه و اهتدوا من الحق إلى تحقيقه، به ختمت الخلافة و الإمامة و هو الإمام من لدن مات أبوه إلى يوم القيامة و عيسى عليه السلام يصلي خلفه و يصدقه على دعواه و يدعو إلى ملته التي هو عليها و النبي صلى الله عليه و آله و سلم صاحب الملة.

(الحاج میرزا حسین النوری الطبرسی، کشف الاستار عن وجه الغائب عن الابصار: 57 – 59)