تشابه امر مولانا المهدی فی الغيبة بامر ادریس علیه السلام. فأول الغيبات غيبة إدريس النبي علیه السلام المشهورة حتى آل الأمر بشيعته إلى أن تعذر عليهم القوت و قتل الجبار من قتل منهم و أفقر و أخاف باقيتهم ثم ظهر علیه السلام فوعد شيعته بالفرج و بقيام القائم من ولده و هو نوح علیه السلام ثم رفع الله عز و جل إدريس علیه السلام إليه فلم تزل الشيعة يتوقعون قيام نوح علیه السلام قرنا بعد قرن و خلفا عن سلف صابرين من الطواغيت على العذاب المهين حتى ظهرت نبوة نوح علیه السلام.
باب شباهته بإدريس (عليهما السلام):
1- إدريس (عليه السلام) وهو جد أبي نوح (عليه السلام) واسمه أخنوخ، رفعه الله مكانا عليا قيل: رفع إلى السماء الرابعة، وقيل: إلى السادسة. وفي مجمع البيان قال مجاهد: رفع إدريس كما رفع عيسى وهو حي لم يمت، وقال آخرون إنه قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة وروي ذلك عن أبي جعفر (عليه السلام).
القائم (عليه السلام) رفعه الله مكانا عليا إلى السماء.
2- إدريس (عليه السلام) حمله الملك على جناحه فطار به في جو السماء.
روى علي بن إبراهيم القمي، عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى غضب على ملك من الملائكة فقطع جناحه، وألقاه في جزيرة من جزائر البحر، فبقي ما شاء الله تعالى في ذلك البحر فلما بعث الله تعالى إدريس جاء ذلك الملك إليه، فقال: يا نبي الله، ادع الله لي أن يرضى عني، ويرد علي جناحي قال: نعم فدعى إدريس ربه، فرد الله عليه جناحه، ورضي عنه قال الملك لإدريس: لك إلي حاجة؟ قال: نعم أحب أن ترفعني إلى السماء، حتى أنظر إلى ملك الموت، فإنه لا عيش لي مع ذكره، فأخذه الملك على جناحه حتى انتهى به السماء الرابعة، فإذا ملك الموت يحرك رأسه تعجبا، فسلم إدريس على ملك الموت، وقال له ما لك تحرك رأسك؟ قال: إن رب العزة أمرني أن أقبض روحك بين السماء الرابعة والخامسة فقلت: يا رب وكيف هذا وغلظ السماء الرابعة مسيرة خمسمائة عام ومن السماء الرابعة إلى السماء الثالثة مسيرة خمسمائة عام وغلظ السماء الثالثة خمسمائة عام، وكل سماء وما بينهما كذلك فكيف يكون هذا ثم قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة وهو قوله * (ورفعناه مكانا عليا) * قال: وسمي إدريس على نبينا وآله وعليه السلام لكثرة دراسته للكتب. إنتهى. وقيل: إنه حي في الجنة وهو المروي عن ابن عباس.
القائم عليه السلام رفعه روح القدس صلوات الله عليه وطار به في جو السماء. ففي الحديث المروي في كمال الدين عن حكيمة في باب ميلاد القائم (عليه السلام) فتناوله الحسن (عليه السلام) والطير ترفرف على رأسه، فصاح بطير منها فقال له احمله واحفظه، ورده إلينا في كل أربعين يوما، فتناوله الطائر، وطار به في جو السماء، واتبعه سائر الطير، فسمعت أبا محمد (عليه السلام) يقول: أستودعك الذي استودعته أم موسى موسى فبكت نرجس فقال (عليه السلام) لها: اسكتي فإن الرضاع محرم عليه إلا من ثديك، وسيعاد إليك، كما رد موسى إلى أمه. وذلك قوله عز وجل: (فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن). قالت حكيمة: فقلت: ما هذا الطائر؟ قال (عليه السلام): هذا روح القدس الموكل بالأئمة يوفقهم ويسددهم، ويربيهم بالعلم، الخبر.
3- إدريس: غاب عن قومه لما عزموا على قتله، كما في الحديث، عن أبي جعفر صلوات الله وسلامه عليه.
القائم (عليه السلام) غاب عن قومه لما عزموا على قتله.
4- إدريس: طالت غيبته حتى وقعت شيعته في غاية العسر والضيق والشدة.
القائم: تطول غيبته حتى تقع شيعته في غاية العسر والضيق والشدة. ففي البحار عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا يزال بكم الأمر حتى يولد في الفتنة والجور من لا يعرف عندها، حتى تملأ الأرض جورا، فلا يقدر أحد يقول: الله. ثم يبعث الله عز وجل رجلا مني ومن عترتي، فيملأ الأرض عدلا كما ملأها من كان قبله جورا.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لتملأن الأرض ظلما وجورا حتى لا يقول أحد: الله، إلا مستخفيا، ثم يأتي الله بقوم صالحين يملأونها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. 5- إدريس: لما طالت غيبته اتفق الناس على التوبة إلى الله فأظهره الله تعالى وكشف عنهم البؤس والشدة.
القائم (عليه السلام) لو اتفق الناس على التوبة إلى الله تعالى في أمره، وعزموا على نصره، لأظهره الله تعالى.
6- إدريس (عليه السلام): لما ظهر ذل له الملك الجبار وأهل قريته.
القائم (عليه السلام) إذا ظهر ذلت له الملوك الجبابرة، وجميع أهل العالم. کما في كمال الدين والبحار وحياة القلوب.
(مکیال المکارم، محمدتقی الموسوی الاصبهانی 1: صص 156 -157)
أحدث وجهات النظر