علي بن محمد السمري السفير الرابع للإمام الحجة عجل الله فرجه
هو الشيخ الجليل أبو الحسن علي بن محمد السمري أو السيمري أو الصيمري . و المشهور جداً هو الأول مضبوطاً بفتح السين و الميم معاً . و الآخرين مضبوطين بفتح أولهما و سكون الياء و فتح الميم و ربما قيل بالضم أيضاً.
ولادته :
لم تحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته، إلاّ أنّه ولد في القرن الثالث الهجري. لم يذكر عام ميلاده، و لا تاريخ فجر حياته، و إنما ذكر أولاً كواحد من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام [1].

ثم ذكر قائماً بمهام السفارة المهدوية ببغداد، بعد الشيخ ابن روح ، بإيعاز منه عن الإمام المهدي عليه السلام[2].
سفارته :
عيّنه الإمام المهدي ( عليه السلام ) سفيراً رابعاً له، و قائماً بأعماله، بعد وفاة السفير الثالث الشيخ الحسين بن روح النوبختي، و كانت مدّة سفارته ثلاثة سنوات، من 326 هـ إلى 329 هـ ، و بذلك تكون سفارته أقصر السفارات، و بوفاته وقعت الغيبة الكبرى.
ولم يوجد نص خاص بسفارته و إنما الأدلة عليها أمور:
الأول: اتفاق كلمة الشيعة على ذلك خلفاً بعد سلف منذ أيام سفارته و حتى اليوم، فرابع الابواب الأربعة هو علي بن محمد السمري بلا خلاف و لا منازع.
الثاني: خروج توقيعات على يده من الناحية المقدسة مما يدل على سفارته.
الثالث: توصية الحسين بن روح به، و الحسين بن روح أجل و أرفع من أن يفعل مثل هذا الأمر الخطير المهم بلا أمر عن الإمام المهدي (عليه السلام).
الرابع: خروج التوقيع – الذي حمل وفاته – بانتهاء الدور للغيبة الصغرى و بدور الغيبة الكبرى، على يده مما يدل على سفارته، و كونه كالثلاثة السابقين سفيراً خاصاً للإمام المهدي عليه السلام.
تولى السفارة من حين وفاة أبو القاسم بن روح عام 326 ، إلى أن لحق بالرفيق الأعلى عام 329 في النصف من شعبان[3] فتكون مدة سفارته عن الإمام المهدي عليه السلام ثلاثة أعوام كاملة ، غير أيام.
و لم ينفتح للسمري ، خلال هذا الزمان القصير ، بالنسبة إلى أسلافه القيام بفعاليات موسعة ، كالتي قاموا بها، و لم يستطع أن يكتسب ذلك العمق و الرسوخ في القواعد الشعبية كالذي اكتسبوه. و إن كان الإعتقاد بجلالته و وثاقته كالإعتقاد بهم.
فما ذكره بعض المستشرقين، من أنه – أي السمري- ربما أدركته الخيبة ، فشعر بتفاهة منصبه و عدم حقيقته كوكيل معتمد للإمام المفترض [4] ناشيء من عقيدة ذلك المستشرق في إنكار الإسلام و إنكار وجود المهدي عليه السلام. و إلا فأي تفاهة في مثل هذا المنصب الخطير الذي عرفنا خطوطه و أهميته…
كما ان الشعور بعدم حقيقة الوكالة، أمر لا معنى له على الإطلاق بالنسبة إلى موقفه المباشر من الامام المهدي، و تلقي التعليمات و التوقيعات منه ،و استيثاق قواعده الشعبية و علماء الطائفة يومئذ به و ركونهم إليه، و إنما كلام هذا المستشرق ناشيء من عقائده الخاصة و لله في خلقه شؤون.
نعم ، لا يبعد ان يكون لما ذكره ذلك المستشرق من كون تلك السنوات “مليئة بالظلم و الجور و سفك الدماء”[5] دخل كبير في كفكفة نشاط هذا السفير، و قلة فعالياته .فإن النشاط الإجتماعي يقترن وجوده دائماً، بالجو المناسب و الفرصة المواتية .فمع صعوبة الزمان و كثرة الحوادث و تشتت الاذهان، لا يبقى هناك مجال لمثل عمله المبني على الحذر و الكتمان.
و هذا بنفسه ، من الاسباب الرئيسية لانقطاع الوكالة بوفاة السمري و عزم الإمام المهدي عليه السلام على الإنقطاع عن الناس، كما انقطع الناس عنه، و فرقتهم الحوادث عن متابعة وكلائه إلى أسباب أخرى…
و لذا نجد السمري رضي الله عنه يخرج إلى الناس قبل وفاته بأيام، توقيعاً من الإمام المهدي عليه السلام، يعلم فيه انتهاء الغيبة الصغرى و عهد السفارة بموت السمري، و يمنعه أن يوصي بعد موته إلى أحد ليكون سفيراً بعده.
و يقول عليه السلام فيه:
” بسم الله الرحمن الرحيم ” :
يا علي محمد بن السمري! أعظم الله أجر إخوانك فيك. فإنك ميت ما بينك و بين ستة أيام، فاجمع أمرك و لا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك. فقد وقعت الغيبة التامة. فلا ظهور إلا بإذن الله تعالى ذكره، و ذلك بعد طول الأمد و قسوة القلوب، و امتلاء الأرض جوراً و سيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة، إلا فمن أدعى المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كاذب مفتر. و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم”.
فكان هذا خطاب خرج من الإمام المهدي عليه السلام ، عن طريق السفارة آخر ارتباط مباشر بينه و بين الناس في الغيبة الصغرى.
قال الراوي: فنسخنا هذا التوقيع و خرجنا من عنده ، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه و هو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيك من بعدك. فقال :”لله أمر هو بالغه” و قضى، فهذا آخر كلام سمع منه. رضي الله عنه و أرضاه [6].
و أودع الأرض في قبره الذي هو في الشارع المعروف بشارع الخلنجي من ربع المحول ، قريب من شاطيء نهر أبي عقاب[7].
أقول: و له الآن في بغداد مزار معروف.
مكانته :
يكفي في سموّ شأنه و عظيم مكانته أن اختاره الإمام المهدي ( عليه السلام ) سفيراً عنه، مع وجود كوكبة من علماء الشيعة و خيارهم.
كراماته :
من كراماته الدالّة على أنّ له ارتباط و اتصال بإمام العصر و الزمان (عليه السلام) أنّه عزّى جماعة من أهل قم ـ و هو في بغداد ـ بوفاة الشيخ علي بن الحسين القمّي ـ والد الشيخ الصدوق ـ فسجّلوا الساعة و اليوم و الشهر من سنة 329 هـ ، فلمّا مضى سبعة عشر يوماً وصل خبر وفاة الشيخ القمّي في قم ، فكان مطابقاً لما أخبر به السمري من حيث اليوم و الساعة التي أخبر بها.

(رک: كتاب تاريخ الغيبة الصغرى؛ السيد محمد محمد صادق الصدر)

بعض ما ورد عن السفير الرابع علي بن محمد السمري رضوان الله عليه:
1- كمال الدين 2: 503، ب 45، ح 32. حدثنا أبو الحسين صالح بن شعيب الطالقاني رضي الله عنه في ذي القعدة سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة قال : حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن مخلد قال : حضرت بغداد عند المشايخ رضي الله عنهم ، فقال الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري قدس الله روحه ابتداء منه : « رحم الله علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قال فكتب المشايخ تاريخ ذلك اليوم ، فورد الخبر أنه توفي ذلك اليوم، و مضى أبو الحسن السمري رضي الله عنه بعد ذلك في النصف من شعبان سنة ثمان و عشرين و ثلاثمائة »
المصادر :
غيبة الطوسي : ص 242 – كما في كمال الدين ، عن ابن بابويه ، منه ( أبو الحسن . . سنة تسع وعشرين وثلاثمائة )
ثاقب المناقب : ص 270 ب 15 – كما في كمال الدين بتفاوت يسير ، عن أحمد بن مخلد : –
الخرائج : ح 3 ص 1128 ب 20 ج 45 – كما في كمال الدين ، عن ابن بابويه .
إعلام الورى : ص 422 ب 3 ف 2 – كما في كمال الدين ، عن ابن بابويه ، بدون آخره عن وفاة السمري .
مدينة المعاجز : ص 612 ح 88 – كما في كمال الدين ، عن ابن بابويه .
البحار : ج 51 ص 360 ب 16 ح 6 – عن غيبة الطوسي ، وكمال الدين .
2- كمال الدين 2: 516، ب 45، ح 44. حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المكتب قال : كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري قدس الله روحه، فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته : « بسم الله الرحمن الرحيم ، يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة الثانية ( التامة ) . فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز و جل ، و ذلك بعد طول الأمد و قسوة القلوب ، و امتلاء الأرض جورا و سيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كاذب مفتر ، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال: فنسخنا هذا التوقيع و خرجنا من عنده، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه و هو يجود بنفسه، فقيل له : من وصيك من بعدك ؟ فقال : لله أمر هو بالغه. و مضى رضي الله عنه، فهذا آخر كلام سمع منه »
المصادر :
غيبة الطوسي : ص 242 – كما في كمال الدين بتفاوت يسير ، عن ابن بابويه .
تاج المواليد : ص 144 – كما في كمال الدين ، مرسلا .
إعلام الورى : ص 417 ب 3 ف 1 – كما في كمال الدين ، عن أبي محمد الحسن بن أحمد المكتب ، وفيه « . . فقد وقعت الغيبة التامة . . فهو كذاب . . » وقال « ثم حصلت الغيبة الطولى التي نحن في أزمانها ، والفرج يكون في آخرها بمشية الله تعالى »
الاحتجاج : ج 2 ص 478 – كما في إعلام الورى ، مرسلا .
الخرائج : ج 3 ص 1128 ب 20 ح 46 – كما في كمال الدين بتفاوت يسير ، عن ابن بابويه ، وفيه « . . الغيبة التامة » .
ثاقب المناقب : ص 264 ب 15 – كما في كمال الدين ، بتفاوت مرسلا عن أبي محمد أحمد بن الحسن بن أحمد الكاتب : – وفيه « منك . . التامة . . الامل . . وسيأتي سبعون » .
كشف الغمة : ج 3 ص 320 – عن إعلام الورى .
الصراط المستقيم : ج 2 ص 236 ب 11 ف 3 – كما في كمال الدين بتفاوت يسير ، عن أبي جعفر بن بابويه ، وفيه « . . الغيبة التامة . . فنسخت هذا التوقيع وقضى في اليوم السادس ، وقد كان غيبه ( كانت غيبته ) القصرى أربعة وستين سنة » .
منتخب الأنوار المضيئة : ص 130 ف 9 – كما في كمال الدين ، عن ابن بابويه ، وفيه « . . الغيبة التامة . . غدونا . . » وقال « كان وفاة الشيخ علي السمري المذكور في النصف من شعبان سنة 328 » .
البحار : ج 51 ص 361 ب 16 ح 7 – عن غيبة الطوي ، و كمال الدين .
و في : ج 52 ص 151 ب 23 ح 1 – عن الاحتجاج ، وكمال الدين .

—————————————————————————————————–
الهوامش :
[1] رجال الشيخ الطوسي: ص432 بعنوان الصيمري .و انظر كشف الغمة 3: 207
[2] أعلام الورى:417
[3] انظر غيبة الشيخ الطوسي:424 .و في أعلام الورى: 417 أنه توّفي عام 328 ، و المعتمد ما ذكره الشيخ الطوسي .قدس الله سره
[4] عقيدة الشيعة لرونلدسن:257
[5] المصدر و الصفحة.
[6] غيبة الشيخ الطوسي:243
[7] المصدر و الصفحة.