فأول الغيبات غيبة إدريس النبي علیه لسلام المشهورة حتى آل الأمر بشيعته إلى أن تعذر عليهم القوت و قتل الجبار من قتل منهم و أفقر و أخاف باقيتهم ثم ظهر علیه السلام فوعد شيعته بالفرج و بقيام القائم من ولده و هو نوح علیه السلام ثم رفع الله عز و جل إدريس علیه السلام إليه فلم تزل الشيعة يتوقعون قيام نوح علیه السلام قرنا بعد قرن و خلفا عن سلف صابرين من الطواغيت على العذاب المهين حتى ظهرت نبوة نوح علیه السلام و بعد نوح وقع غيبة صالح عليه و بعد صالح وقع غيبة ابراهیم علیه السلام و بعد ابراهیم وقع غيبة یوسف علیه السلام و بعد یوسف وقع غيبة موسی علیه السلام و بعد مضی موسی وقوع الغيبة بالأوصياء و الحجج من بعده إلى أيام المسيح علیه السلام.

قال الصدوق: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ السُّكَّرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَخْبِرْنِي بِوَفَاةِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ علیه السلام فَقَالَ إِنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ أَجَلُهُ وَ اسْتَوْفَى مُدَّتَهُ وَ انْقَطَعَ أُكُلُهُ أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ ع فَقَالَ لَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا كَلِيمَ اللَّهِ فَقَالَ مُوسَى وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ مَا الَّذِي جَاءَ بِكَ قَالَ جِئْتُ لِأَقْبِضَ رُوحَكَ فَقَالَ لَهُ مُوسَى علیه السلام مِنْ أَيْنَ تَقْبِضُ رُوحِي قَالَ مِنْ فَمِكَ قَالَ مُوسَى علیه السلام كَيْفَ وَ قَدْ كَلَّمْتُ بِهِ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ قَالَ فَمِنْ يَدَيْكَ قَالَ كَيْفَ وَ قَدْ حَمَلْتُ بِهِمَا التَّوْرَاةَ قَالَ فَمِنْ رِجْلَيْكَ قَالَ كَيْفَ وَ قَدْ وَطِئْتُ بِهِمَا طُورَ سَيْنَاءَ قَالَ فَمِنْ عَيْنِكَ قَالَ كَيْفَ وَ لَمْ تَزَلْ إِلَى رَبِّي بِالرَّجَاءِ مَمْدُودَةً قَالَ فَمِنْ أُذُنَيْكَ قَالَ كَيْفَ وَ قَدْ سَمِعْتُ بِهِمَا كَلَامَ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ لَا تَقْبِضْ رُوحَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُرِيدُ ذَلِكَ وَ خَرَجَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَمَكَثَ مُوسَى علیه السلام مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَ دَعَا يُوشَعَ بْنَ نُونٍ فَأَوْصَى إِلَيْهِ وَ أَمَرَهُ بِكِتْمَانِ أَمْرِهِ وَ بِأَنْ يُوصِيَ بَعْدَهُ إِلَى مَنْ يَقُومُ بِالْأَمْرِ وَ غَابَ مُوسَى علیه السلام عَنْ قَوْمِهِ فَمَرَّ فِي غَيْبَتِهِ بِرَجُلٍ وَ هُوَ يَحْفِرُ قَبْراً فَقَالَ لَهُ أَ لَا أُعِينُكَ عَلَى حَفْرِ هَذَا الْقَبْرِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ بَلَى فَأَعَانَهُ حَتَّى حَفَرَ الْقَبْرَ وَ سَوَّى اللَّحْدَ ثُمَّ اضْطَجَعَ فِيهِ مُوسَى علیه السلام لِيَنْظُرَ كَيْفَ هُوَ فَكَشَفَ اللَّهُ لَهُ الْغِطَاءَ فَرَأَى مَكَانَهُ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ يَا رَبِّ اقْبِضْنِي إِلَيْكَ فَقَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ مَكَانَهُ وَ دَفَنَهُ فِي الْقَبْرِ وَ سَوَّى عَلَيْهِ التُّرَابَ وَ كَانَ الَّذِي يَحْفِرُ الْقَبْرَ مَلَكُ الْمَوْتِ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ وَ كَانَ ذَلِكَ فِي التِّيهِ فَصَاحَ صَائِحٌ مِنَ السَّمَاءِ مَاتَ مُوسَى كَلِيمُ اللَّهِ وَ أَيُّ نَفْسٍ لَا تَمُوتُ فَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ أَبِيهِ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله سُئِلَ عَنْ قَبْرِ مُوسَى أَيْنَ هُوَ فَقَالَ هُوَ عِنْدَ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ ثُمَّ إِنَّ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ علیه السلام قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَ مُوسَى علیه السلام صَابِراً مِنَ الطَّوَاغِيتِ عَلَى اللَّأْوَاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْجَهْدِ وَ الْبَلَاءِ حَتَّى مَضَى مِنْهُمْ ثَلَاثُ طَوَاغِيتَ فَقَوِيَ بَعْدَهُمْ أَمْرُهُ فَخَرَجَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ مُنَافِقِي قَوْمِ مُوسَى علیه السلام بِصَفْرَاءَ بِنْتِ شُعَيْبٍ امْرَأَةِ مُوسَى علیه السلام فِي مِائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ فَقَاتَلُوا يُوشَعَ بْنَ نُونٍ علیه السلام فَقَتَلَهُمْ وَ قَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً وَ هَزَمَ الْبَاقِينَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَ أَسَرَ صَفْرَاءَ بِنْتَ شُعَيْبٍ وَ قَالَ لَهَا: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكِ فِي الدُّنْيَا إِلَى أَنْ أَلْقَى نَبِيَّ اللَّهِ مُوسَى علیه السلام فَأَشْكُوَ إِلَيْهِ مَا لَقِيتُ مِنْكِ وَ مِنْ قَوْمِكِ فَقَالَتْ صَفْرَاءُ وَا وَيْلَاهْ وَ اللَّهِ لَوْ أُبِيحَتْ لِيَ الْجَنَّةُ لَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَرَى فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ وَ قَدْ هَتَكْتُ حِجَابَهُ وَ خَرَجْتُ عَلَى وَصِيِّهِ بَعْدَهُ فَاسْتَتَرَ الْأَئِمَّةُ بَعْدَ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ إِلَى زَمَانِ دَاوُدَ علیه السلام أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ كَانُوا أَحَدَ عَشَرَ وَ كَانَ قَوْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَخْتَلِفُونَ إِلَيْهِ فِي وَقْتِهِ وَ يَأْخُذُونَ عَنْهُ مَعَالِمَ دِينِهِمْ حَتَّى انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَى آخِرِهِمْ فَغَابَ عَنْهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُمْ فَبَشَّرَهُمْ بِدَاوُدَ علیه السلام وَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ دَاوُدَ علیه السلام هُوَ الَّذِي يُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنْ جَالُوتَ وَ جُنُودِهِ وَ يَكُونُ فَرَجُهُمْ فِي ظُهُورِهِ فَكَانُوا يَنْتَظِرُونَهُ فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ دَاوُدَ علیه السلام كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ وَ لَهُمْ أَبٌ شَيْخٌ كَبِيرٌ وَ كَانَ دَاوُدُ علیه السلام مِنْ بَيْنِهِمْ حامل [خَامِلَ‏] الذِّكْرِ وَ كَانَ أَصْغَرَ إِخْوَتِهِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ دَاوُدُ النَّبِيُّ الْمُنْتَظَرُ الَّذِي يُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنْ جَالُوتَ وَ جُنُودِهِ وَ كَانَتِ الشِّيعَةُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَدْ وُلِدَ وَ بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ كَانُوا يَرَوْنَهُ وَ يُشَاهِدُونَهُ وَ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ هُوَ فَخَرَجَ دَاوُدُ علیه السلام وَ إِخْوَتُهُ وَ أَبُوهُمْ لَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ وَ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ دَاوُدُ وَ قَالَ مَا يُصْنَعُ بِي فِي هَذَا الْوَجْهِ فَاسْتَهَانَ بِهِ إِخْوَتُهُ وَ أَبُوهُ وَ أَقَامَ فِي غَنَمِ أَبِيهِ يَرْعَاهَا فَاشْتَدَّ الْحَرْبُ وَ أَصَابَ النَّاسَ جَهْدٌ فَرَجَعَ أَبُوهُ وَ قَالَ لِدَاوُدَ احْمِلْ إِلَى إِخْوَتِكَ طَعَاماً يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ وَ كَانَ علیه السلام رَجُلًا قَصِيراً قَلِيلَ الشَّعْرِ طَاهِرَ الْقَلْبِ أَخْلَاقُهُ نَقِيَّةٌ فَخَرَجَ وَ الْقَوْمُ مُتَقَارِبُونَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ قَدْ رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى مَرْكَزِهِ فَمَرَّ دَاوُدُ علیه السلام عَلَى حَجَرٍ فَقَالَ الْحَجَرُ لَهُ بِنِدَاءٍ رَفِيعٍ يَا دَاوُدُ خُذْنِي فَاقْتُلْ بِي جَالُوتَ فَإِنِّي إِنَّمَا خُلِقْتُ لِقَتْلِهِ فَأَخَذَهُ وَ وَضَعَهُ فِي مِخْلَاتِهِ الَّتِي كَانَتْ تَكُونُ فِيهَا حِجَارَتُهُ الَّتِي كَانَ يَرْمِي بِهَا غَنَمَهُ فَلَمَّا دَخَلَ الْعَسْكَرَ سَمِعَهُمْ يُعَظِّمُونَ أَمْرَ جَالُوتَ فَقَالَ لَهُمْ مَا تُعَظِّمُونَ مِنْ أَمْرِهِ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ عَايَنْتُهُ لَأَقْتُلَنَّهُ فَتَحَدَّثُوا بِخَبَرِهِ حَتَّى أُدْخِلَ عَلَى طَالُوتَ فَقَالَ لَهُ يَا فَتَى مَا عِنْدَكَ مِنَ الْقُوَّةِ وَ مَا جَرَّبْتَ مِنْ نَفْسِكَ قَالَ قَدْ كَانَ الْأَسَدُ يَعْدُو عَلَى الشَّاةِ مِنْ غَنَمِي فَأُدْرِكُهُ فَآخُذُ بِرَأْسِهِ وَ أَفُكُّ لَحْيَيْهِ عَنْهَا فَآخُذُهَا مِنْ فِيهِ وَ كَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَوْحَى [الله‏] إِلَى طَالُوتَ أَنَّهُ لَا يَقْتُلُ جَالُوتَ إِلَّا مَنْ لَبِسَ دِرْعَكَ فَمَلَأَهَا فَدَعَا بِدِرْعِهِ فَلَبِسَهَا دَاوُدُ علیه السلام فَاسْتَوَتْ عَلَيْهِ فَرَاعَ ذَلِكَ طَالُوتَ وَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَقْتُلَ بِهِ جَالُوتَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَ الْتَقَى النَّاسُ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام أَرُونِي جَالُوتَ فَلَمَّا رَآهُ أَخَذَ الْحَجَرَ فَرَمَاهُ بِهِ فَصَكَّ بِهِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَدَمَغَهُ وَ تَنَكَّسَ عَنْ دَابَّتِهِ فَقَالَ النَّاسُ قَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَ مَلَّكَهُ النَّاسُ حَتَّى لَمْ يَكُنْ يُسْمَعُ لِطَالُوتَ ذِكْرٌ وَ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَيْهِ الزَّبُورَ وَ عَلَّمَهُ صَنْعَةَ الْحَدِيدِ فَلَيَّنَهُ لَهُ وَ أَمَرَ الْجِبَالَ وَ الطَّيْرَ أَنْ تُسَبِّحَ مَعَهُ وَ أَعْطَاهُ صَوْتاً لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ حُسْناً وَ أَعْطَاهُ قُوَّةً فِي الْعِبَادَةِ وَ أَقَامَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ نَبِيّاً وَ هَكَذَا يَكُونُ سَبِيلُ الْقَائِمِ علیه السلام لَهُ عَلَمٌ إِذَا حَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ انْتَشَرَ ذَلِكَ الْعَلَمُ مِنْ نَفْسِهِ وَ أَنْطَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَنَادَاهُ اخْرُجْ يَا وَلِيَّ اللَّهِ فَاقْتُلْ أَعْدَاءَ اللَّهِ وَ لَهُ سَيْفٌ‏ مُغْمَدٌ إِذَا حَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ اقْتَلَعَ ذَلِكَ السَّيْفُ مِنْ غِمْدِهِ «1» وَ أَنْطَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَنَادَاهُ السَّيْفُ اخْرُجْ يَا وَلِيَّ اللَّهِ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَقْعُدَ عَنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ فَيَخْرُجُ علیه السلام وَ يَقْتُلُ أَعْدَاءَ اللَّهِ حَيْثُ ثَقِفَهُمْ وَ يُقِيمُ حُدُودَ اللَّهِ وَ يَحْكُمُ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

(كمال الدين و تمام النعمة (من کتب القرن الرابع) ‏1: صص 154 – 156 ح17)