االشیخ نورالدّین علی بن الصّباغ المالکی الذی ذکروه فی التراچم بکلّ وصف جمیل:
الشيخ الأكبر محیي الدين رأس أجلاء العارفين أبو عبد الله محمّد بن عليّ بن محمّد بن عربي الحاتم الطائي الأندلسي. الذي كفى في علو مقامه ما قاله الشعراني في (لواقح الأخبار) ما لفظه: (هو الشيخ الإمام المحقق رأس أجلاء العارفين و المقربين صاحب الإشارات الملكوتية والنفحات القدسية و الانفاس الروحاينة و الفتح المونق و الكشف المشرق و البصائر الخارقة و الحقائق الزاهرة له المقام الأرفع من مقام القرب في منازل الأنس والمورد العذب من مناهل الوصل و الطول الأعلى من مدارج الدنو و القدم الراسخ في التمكين من أحوال النهاية و الباع الطويل في التعرف في أحكام الولاية، وهو أحد أركان هذه الطائفة…).
فقال في الباب السادس و الستين و ثلاثمائة من كتابه “الفتوحات المکّیة”: «و اعلموا أنه لابد من خروج المهدي عليه السلام لكن لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جوراً و ظلماً فيملأها قسطاً و عدلاً و لو لم يبق من الدّنيا إلا يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتّى يلي ذلك الخليفة، و هو من عترة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من ولد فاطمة، جده الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، و والده الحسن العسكري بن الإمام علي النقي بالنون بن الإمام محمد التقي بالتاء بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين العابدين علي بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يواطيء اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، يبايعه المسلمون ما بين الركن و المقام، يشبه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في الخلق (بفتح الخاء) و ينزل عنه في الخلق (بضمّها) إذ لا يكون أحد مثل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في أخلاقه و الله تعالى يقول: (وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
هو أجلى الجبهة أقنى الأنف أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسم المال بالسوية و يعدل في الرعية يأتيه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني و بین يديه المال يحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله، يخرج على فترة من الدين يزع الله به ما لا يزع بالقرآن، يمسي الرجل جاهلاً و جباناً و بخيلاً فيصبح عالماً شجاعاً كريماً، يمشي النصر بين يديه، يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً يقفو أثر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لا يخطئ له ملك يسدده من حيث لا يراه، يحمل الكل و يعين الضعيف و يساعد على نوائب الحق، يفعل ما يقول و يقول ما يفعل و يعلم ما يشهد.
يصلحه الله في ليلة يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألف من المسلمين من ولد إسحاق، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا، يبيد الظلم و أهله يقيم الدين و أهله و ينفخ الروح في الإسلام، يعز الله الإسلام بعد ذله و يحييه بعد موته، يضع الجزية و يدعو إلى الله بالسيف, فمن أبى قتل و من نازعه خذل.
يظهر من الدين ما هو عليه في نفسه، حتى لو كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حياً لحكم به، فلا يبقى في زمانه إلا الدين الخالص عن الرأي يخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء فينقبضون منه لذلك لظنهم أن الله تعالى لا يحدث بعد أئمتهم مجتهداً. (و أطال في ذكر وقائعه معهم و سيرته و حالاته إلى أن قال:) و أعلم انه لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم نص على أحد من الأئمة أن يقفو أثره لا يخطيء إلا الإمام المهدي خاصة، فقد شهد له بعصمته في خلافته و أحكامه كما شهد الدليل العقلي بعصمة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فيما يبلغه عن ربه من الحكم المشروع له في عباده.